التساؤلات حول عدم بث الخطاب
أثار غياب البث المباشر للخطاب تساؤلات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. في بيان صادر عن مكتب المرشد الإيراني، أوضح أن “قرار البث المباشر للخطابات يظل في يد المكتب”، مؤكداً أن وسائل الإعلام الوطنية تلتزم بقرارات العلاقات العامة الصادرة عنه.
تحولات كبيرة بعد سقوط الأسد
أشار خامنئي في خطابه إلى أن “المناطق التي تم الاستيلاء عليها في سوريا سيتم تحريرها على يد الشباب السوري الغيور”، مؤكداً أن “جبهة المقاومة” ستنجح في طرد أمريكا من المنطقة. كما قال إن التدخل الإيراني في سوريا والعراق هو “استشاري”، ويهدف إلى حماية الأماكن المقدسة وضمان أمن إيران.
خسارة سوريا وتداعياتها
تصريحات وزير الخارجية الإيراني الأسبق حسين عبد اللهيان عن خسارة إيران لسوريا كانت بمثابة إعلان عن انهيار مشروع إيران الإقليمي. حيث اعتبر عبد اللهيان أن خسارة سوريا أشد وقعًا من خسارة الأحواز، التي تعد من المناطق الغنية بالموارد والثروات في الخليج العربي. وقال عبد اللهيان: “خسارة إيران لسوريا تعني نهاية المشروع الإيراني الذي أسسه الإمام الخميني”، مشيرًا إلى الأثر البالغ لسقوط النظام السوري في قلب الإستراتيجية الإيرانية.
على مدار عقود، أنفقت إيران مليارات الدولارات واستقطبت مئات القتلى والجرحى لدعم نظام بشار الأسد. كما أنشأت العديد من القواعد العسكرية ومستودعات الأسلحة في سوريا، التي كانت تستخدم كقناة لتسليح ميليشياتها وحلفائها في المنطقة، مما عزز من نفوذ طهران في الشرق الأوسط. ومع سقوط النظام السوري، فقدت إيران أكثر من مجرد حليف استراتيجي، بل فقدت قاعدة نفوذ كانت تعتبر حجر الزاوية في مشروعها للهيمنة الإقليمية.
التأثيرات على السياسة الإيرانية
يعتبر سقوط بشار الأسد ضربة كبيرة لإيران، حيث كانت سوريا تحت حكم الأسد تمثل أحد أهم أعمدة مشروع إيران في المنطقة. كانت طهران تقدم الدعم العسكري والمالي للنظام السوري، بما في ذلك إرسال المليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني. وهذا الدعم كان يهدف إلى توسيع نطاق نفوذ إيران، ليس فقط في سوريا ولكن في المنطقة ككل. بيد أن سقوط النظام السوري يعني إضعاف هذا النفوذ، وقد يغير ميزان القوى في المنطقة بشكل كبير.
كما كانت إيران تعتمد على سوريا كحلقة وصل استراتيجية بين العراق ولبنان واليمن، ما يجعل الخسارة السورية نقطة تحول في السياسة الإيرانية الخارجية. من خلال ذلك، خسر المرشد الإيراني جزءًا كبيرًا من القاعدة التي كانت تضمن له التوسع في المنطقة العربية وتوسيع نفوذ طهران.
منذ بداية الاحتجاجات المناهضة للحكومة السورية عام 2012، دخلت إيران بثقلها العسكري والسياسي لدعم نظام بشار الأسد في مواجهة المعارضة المسلحة وتنظيم داعش الإرهابي. لقد أرسلت إيران العديد من قادتها العسكريين ووحدات من الحرس الثوري الإيراني إلى سوريا، حيث أسهمت بشكل كبير في هزيمة الفصائل المعارضة للنظام.
إلى جانب الدعم العسكري المباشر لنظام الأسد، استخدمت إيران وجودها العسكري المستمر في سوريا كطريق أساسي لتمويل وإمداد حليفها الرئيسي، حزب الله اللبناني، بأسلحة وموارد.
ومن خلال ذلك، ساعدت إيران في إنشاء سلسلة توريد للأسلحة التي يحتاجها حزب الله، وتوسعت تلك الشبكة لتشمل جماعات فلسطينية في الضفة الغربية.
وبحسب بعض التقارير، فقد سعت إيران مؤخرًا إلى نقل الأسلحة من سوريا إلى الضفة الغربية بالتعاون مع شبكات تهريب، في محاولة لتعزيز نفوذها العسكري في المنطقة.
تغير الوضع بشكل كبير في العام الماضي، حيث تلقت إيران ضربات قاسية في سوريا نتيجة للهجمات الإسرائيلية المتكررة على مواقعها العسكرية.
فقد استهدفت إسرائيل عددًا من القواعد الإيرانية في سوريا، مما أسفر عن مقتل عدد من الجنود الإيرانيين، بمن فيهم قادة كبار في الحرس الثوري الإيراني.
هذا التصعيد يعكس تعقيد الوضع بالنسبة لإيران، خاصة في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية والإقليمية ضد وجودها العسكري في المنطقة.
مع سقوط نظام الأسد، تواجه إيران الآن تحديات كبيرة في الحفاظ على مصالحها في المنطقة.
هذه التطورات يمكن أن تعرقل محور إيران-حزب الله-سوريا وتقلل من قدرة إيران على المناورة السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط.
علاوة على ذلك، فقد تكون إيران عرضة لتهديدات إسرائيلية مباشرة نتيجة لتراجع قوتها في سوريا.
وفي الختام، يمكن القول إن سقوط نظام بشار الأسد وانتهاء النفوذ الإيراني في دمشق يمثل ضربة قاسية للمشروع الإيراني في المنطقة.
كما أن هذه التحولات قد تؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية بشكل جذري،
حيث سيكون من الصعب على إيران استعادة نفوذها السابق في سوريا، ما يفتح الباب أمام تحولات استراتيجية كبيرة في الشرق الأوسط.
نتائج التحولات الكبيرة على الأمن الإقليمي