تقرير الأمم المتحدة يكشف عن واقع مأساوي للأمن الغذائي في العالم العربي
كشف تقرير أصدرته الأمم المتحدة عن واقع مأساوي للأمن الغذائي في العالم العربي، حيث أدى تزاوج الفقر والتغير المناخي والأزمات الاقتصادية والحروب إلى دفع عشرات الملايين نحو هاوية الجوع. التقرير الذي حمل عنوان “نظرة إقليمية حول الأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا” يقدم صورة صادمة عن الوضع الغذائي في المنطقة، مع تسليط الضوء على تأثير ذلك على مصر.
تدهور الأوضاع الغذائية في مصر
على مدار السنوات، شهدت مصر تدهوراً تدريجياً في معدلات سوء التغذية، حيث ارتفعت نسبة السكان الذين يعانون من سوء التغذية من 4.8% في عام 2002 إلى 5.2% في عام 2011. لكن مع بداية تنفيذ برنامج “الإصلاح الاقتصادي” في عام 2016، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، قفزت النسبة إلى 6.3%، ثم وصلت إلى 8.5% في عام 2023. ونتيجة لهذه الزيادة، ارتفع عدد السكان الذين يعانون من سوء التغذية من 6.2 مليون في 2016 إلى 9.4 مليون في 2023.
انعدام الأمن الغذائي
لم تقتصر الأزمة على سوء التغذية فقط، بل ارتفعت أيضاً معدلات انعدام الأمن الغذائي المعتدل، حيث طال نحو 33.1 مليون مصري في عام 2023، مقارنة بـ27.1 مليون في 2016. ومن بين هؤلاء، ارتفعت نسبة من يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد من 8.2 مليون (8.4% من السكان) في 2016، لتصل إلى 11.5 مليون مواطن (10.4%) في 2023.
الأزمة الغذائية وأطفال مصر
تعتبر الأوضاع الغذائية للأطفال في مصر أكثر قسوة. ورغم انخفاض نسبة التقزم بين الأطفال من 22.5% في 2015 إلى 20.4% في 2020، فإن الأزمة الغذائية تتجسد أيضاً في تصاعد معدلات السمنة بين الأطفال تحت سن الخامسة. وقد تسببت سوء التغذية وغياب الطعام الصحي في تصدر مصر المرتبة الثالثة عربياً في السمنة لدى الأطفال، بعد ليبيا وتونس. وارتفعت معدلات الوزن الزائد بين الأطفال من 16.2% في 2015 إلى 18.8% في 2022، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف المعدل العالمي البالغ 5.6%، ويضع مصر في وضع غير مسبوق مقارنة بالدول العربية.
وتستمر أزمة السمنة في مصر لتشمل البالغين، حيث سجلت مصر أعلى معدل في العالم العربي للسمنة المفرطة، بنسبة تصل إلى 44.3% في 2022. كما يعاني حوالي 28.3% من النساء في سن الإنجاب (من 15 إلى 49 عامًا) من الأنيميا، وهي مشكلة صحية تفاقم من الوضع الغذائي المتردي. الأنيميا بين المصريات قد تكون السبب في تراجع معدلات الرضاعة الطبيعية، التي تشكل خط الدفاع الأول لصحة الأطفال. ففي عام 2022، بلغت نسبة الرضاعة الطبيعية 40.2%، مقارنة بـ41.1% في عام 2005، مما يعكس تدهوراً في هذه الممارسة الصحية الهامة.
الفقر في مصر
في ظل الظروف الاقتصادية المتردية وتغيرات مناخية حادة أثرت على إنتاج الغذاء، عجز 44.4% من المصريين عن تحمل تكلفة الغذاء الصحي في 2022. وحسب تقديرات التقرير، يحتاج الفرد في مصر إلى 6949 جنيهاً شهرياً للحصول على نظام غذائي صحي متوازن، وهو ما يتجاوز الحد الأدنى للأجور البالغ 6 آلاف جنيه، مما يضع ملايين الأسر أمام خيارات مستحيلة، بما في ذلك الأسر التي لا تقع تحت خط الفقر الرسمي.
فيما يتعلق بالفقر، أظهرت آخر إحصاءات الفقر في مصر لعام 2020 أن 29.7% من المصريين كانوا تحت خط الفقر في عام 2019، ومن المرجح أن تكون هذه النسبة قد ارتفعت بشكل كبير بسبب التضخم الذي لا تستطيع حزم الدعم الاجتماعي الحكومية التخفيف من آثاره.
نتائج التقرير
التقرير الصادر عن الأمم المتحدة يشير إلى أن تردي الأوضاع الغذائية في مصر هو نتيجة مباشرة لعدد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك التضخم، انعدام الأمن الغذائي، وتفاقم الأزمات الاقتصادية. الأزمة الغذائية ليست محصورة فقط في سوء التغذية، بل تشمل أيضاً السمنة، الأنيميا، وتراجع الرضاعة الطبيعية، مما يعكس الصورة القاتمة التي تعيشها الأسر المصرية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.