أكد السفير السوداني لدى روسيا، محمد سراج، التزام بلاده بالاتفاق مع موسكو لبناء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر، نافيا الشائعات التي تشير إلى تراجع السودان عن هذا المشروع الاستراتيجي.
وقال سراج في تصريحات صحفية لـ”نوفوستي” اليوم الاثنين: “هذه تقارير كاذبة، وأعتقد أنها مضللة. العلاقات بين السودان وروسيا الآن في أعلى مستوى، والجانبان حريصان على تعزيزها وتطويرها في كافة الجوانب. وفي هذا السياق، ننظر في الاتفاق على بناء قاعدة بحرية روسية في السودان”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت حساس بعد الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر 2024، وهي خطوة أثرت بشكل كبير على التواجد العسكري الروسي في سوريا، حيث أظهرت الدراسات أن روسيا قد سحبت جزءا كبيرا من معداتها العسكرية من القواعد السورية وتستعد للانسحاب الكامل من قاعدة حميميم.
تعتبر خسارة هذه القواعد في سوريا انتكاسة استراتيجية لموسكو، إذ كانت تمثل نقطة انطلاق أساسية لروسيا في استعراض قوتها في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وفي وقت سابق، كانت هناك تقارير من وكال٧ة “بلومبرغ” نقلا عن مسؤولين سودانيين وغربيين، تشير إلى أن الخرطوم قد رفضت الاتفاق مع موسكو بشأن القاعدة البحرية بسبب مخاوف من فرض عقوبات غربية. إلا أن الوكالة حذفت هذا المنشور لاحقا من موقعها الإلكتروني.
وفي مواجهة فقدانها لقواعدها في سوريا، يبدو أن روسيا قد بدأت تعزيز وجودها العسكري في إفريقيا، حيث زادت من تواجدها في دول مثل ليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، وفي نفس الوقت بدأت مفاوضات مع المجلس الانتقالي في السودان للحصول على قاعدة بحرية على البحر الأحمر.
رغم هذه التحركات، يرى الخبراء أن هذه البلدان الأفريقية قد لا تكون بدائل فعالة للقواعد الروسية في سوريا. ومع ذلك، تظهر صور الأقمار الصناعية نشاطا متزايدا في القاعدة البحرية العسكرية السودانية، التي كانت قد وافقت عليها الحكومة السودانية في عام 2019. على الرغم من عدم وضوح ما إذا كانت القاعدة تعمل بكامل طاقتها، فإنها تمثل خطوة استراتيجية هامة لروسيا في المنطقة.
كما أفادت تقارير صحفية أن روسيا قد أرسلت شحنات من الأسلحة والوقود إلى السودان بملايين الدولارات، ما يعكس الدعم الروسي للجيش السوداني في إطار تعزيز التوازن العسكري لصالحه. وفقا لتقرير بلومبرغ الصادر في 18 ديسمبر 2024، فإن هذا التعاون العسكري يشمل التفاوض على بناء قواعد عسكرية في مدينة بورتسودان الساحلية.
في سياق آخر، كانت صحيفة “روسييسكايا غازيتا” قد نشرت في نوفمبر 2020 تقريرا عن الاتفاق على إنشاء محطة بحرية روسية في السودان. وفقا للاتفاق، فإن عدد الأفراد في القاعدة البحرية لن يتجاوز 300 شخص، ولن يتواجد أكثر من 4 سفن روسية في القاعدة في ذات الوقت، ما يعكس الحجم المحدود للقاعدة العسكرية المزمع إنشاؤها.
يبدو أن السودان، في إطار هذا التعاون مع روسيا، يسعى لتطوير قدراته العسكرية في المنطقة، بينما تعمل موسكو على تعزيز حضورها الاستراتيجي في البحر الأحمر، بما يتماشى مع مصالحها في المنطقة.