التطورات في لبنان: البدائل لمطار بيروت الدولي
شهدت الساحة اللبنانية في الأيام الأخيرة تطورًا لافتًا بعد أن قام أنصار حزب الله بقطع طريق مطار بيروت الدولي، مما أدى إلى توجيه انتقادات حادة حول هذا التصرف. جاء ذلك بعد ما وصفه البعض بـ”التشبيح على الجيش اللبناني” في محاولة للتعبير عن اعتراضات سياسية. على إثر هذه الأحداث، تعالت الأصوات المطالبة بإعادة تشغيل مطارات أخرى في لبنان كبديل لمطار بيروت الدولي. من بين هذه المطارات، يبرز مطار القليعات، مطار حامات، مطار رياق، بالإضافة إلى مطاري بعذران والخيام.
موقف “الجمهورية القوية” من قطع طريق المطار
في تصريحات صحفية، قال النائب زياد الحواط، عضو تكتل “الجمهورية القوية”، أن “طريق المطار ليس ملكاً خاصاً لأحد” بل هو “شريان حيوي وواجهة لبنان”. وأضاف أن “الأمن لا يتجزأ” وأكد أن “طريق مطار بيروت هو مصلحة لبنانية كبرى”، مشيرًا إلى ضرورة أن تقوم الأجهزة الأمنية بتوقيف المحرضين والمخالفين. كما طالب الحواط بتوسيع استخدام مطار القليعات وحامات، مع التأكيد على أن “عاصمتنا لا يجب أن تكون تحت سيطرة الدويلة”.
مطار القليعات الخيار الأكثر جدية
يعد مطار القليعات (مطار الرئيس رينيه معوض) الخيار الأكثر جدية بين المطارات البديلة، حيث يمتاز بمدرج يبلغ طوله نحو 3 كيلومترات، مما يجعله مناسبًا لاستقبال الطائرات التجارية. ولكن هذا المطار يحتاج إلى تطوير بنيته التحتية وتوسيع ساحاته لاستيعاب أكثر من 10 طائرات في الوقت الراهن. يقع المطار في شمال لبنان، بالقرب من الحدود السورية، ويُعتبر من أقدم المنشآت الجوية في البلاد، وقد تم استخدامه سابقًا من قبل الجيش اللبناني في مختلف المهام العسكرية.
مطار حامات: جهوزية المطار تستلزم القرار
تُعد قاعدة حامات الجوية واحدة من المنشآت العسكرية البارزة في لبنان، وتتميز بموقعها الاستراتيجي وسط جبال لبنان، على ارتفاع مئات الأمتار فوق سطح البحر. تأسست القاعدة في عام 1976 خلال الحرب الأهلية اللبنانية، بمسعى من حزب الكتائب اللبنانية، لكن بنائها لم يكتمل بسبب الظروف القاسية التي فرضتها الحرب. ورغم تعرض المدرج لأضرار جسيمة نتيجة القصف في الحرب، فقد شهد المطار تطورات ملحوظة بعد عام 1990. بعد انتهاء الحرب، تحولت القاعدة إلى حلبة لسباقات السيارات، ثم أصبحت مركزًا لتدريبات الجيش اللبناني، خاصة بعد انتقال مدرسة القوات الخاصة إلى المنطقة في عام 2010. ومنذ عام 2011، أصبحت القاعدة مركزًا فعّالًا للمناورات العسكرية والتدريب، كما أُضيف إليها مدرسة للقوات الخاصة. واليوم، يسعى الجيش اللبناني إلى تطوير القاعدة لتصبح قاعدة جوية عسكرية متطورة، قادرة على استيعاب مختلف أنواع الطائرات العسكرية.
تقع قاعدة حامات الجوية على بعد نحو 20 كيلومترًا من الحدود اللبنانية السورية و 50 كيلومترًا عن بيروت، مما يمنحها موقعًا استراتيجيًا يسمح بمراقبة الحدود اللبنانية والمنطقة المحيطة. هذا الموقع الفريد يجعل القاعدة مكانًا مثاليًا لتحويلها إلى مطار مدني، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها لبنان، والتي أدت إلى تراجع حركة الطيران في مطار بيروت الدولي. تحظى القاعدة بمساحة واسعة يمكن استخدامها لإنشاء مدرج جديد، وهي ميزة هامة ستساعد في تحويلها إلى مطار مدني. من الناحية التقنية، فإن تحويل القاعدة إلى مطار مدني يتطلب عملًا كبيرًا لتوسيع المدرج الحالي وتأهيله، إلى جانب بناء المرافق الأساسية مثل صالات الركاب، ومنشآت الطيران، والمرافق اللوجستية.
مطار رياق ومطارا الخيام وبعذران
بينما تأسس مطار رياق في عام 1910 من قبل الجيش الألماني ومرّ بتغيرات عديدة في السيطرة عليه، ويمارس اليوم مهامًا عسكرية في قاعدة جوية. أما مطار الخيام، فإنه يمتلك مدرجًا بطول يتجاوز 4 كيلومترات، لكنه يقع في نطاق جوي قريب من إسرائيل، مما يعوق تشغيله المدني. بينما يعاني مطار بعذران من قصر طول مدرجه، مما يحد من قدرته على استقبال الطائرات الكبيرة، لكنه يمكن أن يكون مناسبًا للطائرات العسكرية.
هل هناك فرصة فعلية لتشغيل مطار بديل؟
على الرغم من المطالبات بتشغيل مطار القليعات كبديل لمطار بيروت، إلا أن العراقيل السياسية والتقنية ما زالت تشكل تحديات كبيرة أمام تحقيق هذا الهدف. يتطلب الأمر توافقًا سياسيًا واسعًا، بالإضافة إلى تمويل لتطوير البنية التحتية، فضلاً عن الحصول على موافقات تنظيمية دولية.
في ظل هذه المعطيات، يبقى مطار رفيق الحريري الدولي الخيار الوحيد المتاح في الوقت الحالي، ويستمر الجدل حول إمكانية إيجاد بدائل مستقبلية تؤمن استقرار حركة الملاحة الجوية في لبنان بعيدًا عن التجاذبات السياسية.