تشكيل حكومة موازية في السودان بعد توقيع ميثاق نيروبي
في خطوة حاسمة نحو تشكيل حكومة موازية في السودان، وقع تحالف واسع من القوى السياسية السودانية، بما في ذلك قوات الدعم السريع، الحركة الشعبية-شمال، حزب الأمة القومي ومكونات أخرى، على “ميثاق نيروبي” في العاصمة الكينية نيروبي.
هذا الميثاق يأتي في وقت حساس للغاية في تاريخ السودان، في إطار سعي القوى الموقعة إلى إنهاء الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من عامين وتأسيس حكومة انتقالية تُخلف النظام الحالي.
التحالفات السياسية في السودان
التحالف الذي وقع على الميثاق يضم العديد من الفصائل السياسية والعسكرية التي كانت تمثل جزءاً من المعارضة السودانية منذ بداية النزاع. من أبرز المشاركين في الميثاق، قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، التي تسيطر على أجزاء واسعة من السودان، إلى جانب الحركة الشعبية-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وحزب الأمة القومي الذي يمثل جزءاً مهماً من المعارضة المدنية.
أهداف الميثاق
الميثاق الموقع في نيروبي يهدف إلى وضع أسس لحكومة “علمانية وديمقراطية” وفقاً لما تم الاتفاق عليه بين المكونات المشاركة. كما ينص الميثاق على عدم تقسيم البلاد بل توحيدها من خلال تشكيل حكومة غير مركزية تكون قائمة على جيش وطني واحد، مع الحفاظ على الحق للجماعات المسلحة في الاستمرار في الوجود ضمن أطر محددة. يتضمن الميثاق أيضاً الالتزام بإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من 20 شهراً، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين من منازلهم.
التحفظات والانتقادات
ورغم هذه الخطوة الهامة، لم تمر هذه المفاوضات دون اعتراضات. فقد أثار تنظيم المراسم في نيروبي، بدلاً من السودان، انتقادات من داخل البلاد، حيث اعتبرت بعض الأطراف أن مثل هذا التحرك قد يُعمق الانقسام بين الحكومة الانتقالية الحالية والتي تنظم من مدينة بورتسودان. كما انتقدت بعض الدوائر الدولية استضافة كينيا لهذا الحدث، مشيرة إلى أن ذلك قد يورط البلاد في صراع دبلوماسي في وقت حساس.
هل سيسهم الميثاق في تقسيم السودان؟
تعتبر مسألة وحدة السودان من أبرز القضايا التي قد تثار في إطار هذا الميثاق، خاصة وأن بعض القوى التي وقعت عليه كانت تطالب بحكم ذاتي موسع أو حتى تقسيم بعض المناطق السودانية مثل جنوب كردفان أو دارفور. تطالب الحركة الشعبية-شمال، على سبيل المثال، بحكم ذاتي أكبر للمناطق التي تسيطر عليها، وهذا قد يُعتبر دعوة ضمنية للانفصال أو للتمتع بحكم فدرالي موسع.
التوقيع على ميثاق نيروبي يثير مخاوف حقيقية بشأن مستقبل وحدة السودان. فالنظام السياسي المقترح والذي يقوم على فكرة “الحكومة الموازية” قد يعزز الانقسامات بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، ما قد يؤدي إلى تعميق حالة التوتر في البلاد. إضافة إلى ذلك، التحفظات التي يبديها المجتمع الدولي على فكرة الحكومة الموازية، قد تمنع حصول هذه الحكومة على الاعتراف الرسمي من قبل المنظمات الدولية.
من جهة أخرى، فإن الاتفاق على “دولة علمانية” قد يزيد من حدة الجدل حول الهوية الوطنية للسودان، وهو أمر قد يثير خلافات عميقة داخل المجتمع السوداني بين المؤيدين والمعارضين لهذا التوجه.
المرحلة المقبلة: مصير السودان بعد توقيع الميثاق
في ظل الوضع الحالي، لا يزال من غير الواضح كيف ستؤثر الحكومة الموازية على مجريات الأحداث في السودان. فالميثاق لم يتطرق إلى كيفية إدارة المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، مما يترك الباب مفتوحًا أمام التوترات العسكرية والسياسية في المستقبل القريب.
من الجدير بالذكر أن توقيع الميثاق في كينيا أثار انتقادات داخلية في السودان، حيث اعتبرت بعض القوى السياسية أن هذا الاتفاق يهدد مصالح البلاد وسيادتها، خاصة في ظل تواجد قوات خارجية وتحكم المجموعات المسلحة في أجزاء من البلاد.