ترامب يُلطّف اقتراحه وينتظر قمة القاهرة… ونتنياهو يُعقّد الانتقال إلى المرحلة الثانية في غزة
في خضم التطورات المتسارعة التي تشهدها القضية الفلسطينية، تبرز تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة حول تراجعه عن فرض خطته المثيرة للجدل بشأن مستقبل قطاع غزة، كمنعطف مهم في المشهد السياسي الإقليمي والدولي. هذا الترافق الزمني مع التحضيرات للقمة العربية الطارئة في القاهرة المقررة في 4 مارس/آذار 2025، والموقف الإسرائيلي المتصلب بقيادة بنيامين نتنياهو، يخلق حالة من التعقيدات التي تستدعي تحليلًا معمقًا للسياقات السياسية والدبلوماسية والأمنية التي تحكم هذه التطورات.
السياق التاريخي لتصريحات ترامب وتداعياتها
بدأت الأزمة مع إعلان ترامب في 5 فبراير/شباط 2025 عن رؤيته لتحويل قطاع غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” تحت السيطرة الأمريكية، مع تهجير سكان القطاع إلى دول الجوار…
الآليات الدبلوماسية للرفض العربي
تصدّرت مصر والأردن موجة الرفض، حيث عبّرت القاهرة عن رفضها القاطع لأي مخططات تهجير، معتبرة أنها تهدد الاستقرار الإقليمي وتنتهك اتفاقية السلام مع إسرائيل…
التحوّل في الموقف الأمريكي: من الإلحاح إلى التلطيف
في 22 فبراير/شباط 2025، أعلن ترامب تراجعه عن فرض خطته، قائلًا: “لن أفرضها لكنني سأوصي بها فقط”…
العوامل الاقتصادية والسياسية الكامنة
لا يمكن فصل تراجع ترامب عن المصالح الاقتصادية الأمريكية؛ فخطة “الريفييرا” كانت تستهدف فتح المجال لشركات البناء والاستثمارات الأمريكية في المنطقة…
نتنياهو والتعقيدات الداخلية: بين الضغوط اليمنية والمفاوضات
في الجانب الإسرائيلي، يواجه بنيامين نتنياهو معضلة ثلاثية الأبعاد…
شروط إسرائيل للمرحلة الثانية
- نزع سلاح غزة بالكامل وتفكيك البنية العسكرية لحماس والكتائب.
- إزاحة حماس عن السلطة ومنع أي دور لها في الحكم المستقبلي للقطاع.
- رفض أي مشاركة للسلطة الفلسطينية في إدارة غزة، مع الإصرار على وجود عسكري إسرائيلي مؤقت.
التداعيات الأمنية لتعطيل المرحلة الثانية
حذّر المحلل العسكري عاموس هارئيل من أن تعنت إسرائيل قد يؤدي إلى “عودة القتال بشكل أكثر عنفًا”…
القمة العربية في القاهرة: محاولة صياغة رؤية موحدة
في مواجهة المخططات الأمريكية والإسرائيلية، تسعى القمة العربية الطارئة في 4 مارس/آذار إلى تقديم رؤية عربية موحّدة ترتكز على ثلاث ركائز…
التحديات أمام الخطة العربية
تواجه هذه الخطة عوائق كبيرة، أبرزها:
- التمويل الدولي: تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى حاجة غزة إلى 15 مليار دولار لإعادة الإعمار.
- الخلافات الفلسطينية الداخلية: رفض حركة حماس أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة دون إجراء مصالحة وطنية.
- الرفض الإسرائيلي: إصرار نتنياهو على ربط الإعمار بنزع السلاح.
التداخل الأمريكي-الإسرائيلي: استراتيجيات المواجهة
لا يمكن تحليل الموقف الإسرائيلي بمعزل عن الدعم الأمريكي، حيث تُظهر الوثائق المسربة تعاونًا وثيقًا بين نتنياهو وترامب لاستغلال الأزمة في تحقيق مكاسب متبادلة…
سيناريوهات المستقبل: بين التفاؤل والتشاؤم
السيناريو التفاؤلي
- نجاح القمة العربية في تقديم خطة إعمار دولية مدعومة من الاتحاد الأوروبي والصين.
- ضغوط أمريكية على إسرائيل لتخفيف شروطها مقابل حزمة مساعدات عسكرية.
- بدء مفاوضات فلسطينية-فلسطينية لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
السيناريو التشاؤمي
- انهيار المفاوضات وعودة القتال مع عمليات عسكرية إسرائيلية في رفح وخان يونس.
- تصاعد الاحتجاجات الفلسطينية في الضفة الغربية ضد السلطة والفصائل.
- فرض عقوبات دولية على إسرائيل، مع تأزم العلاقات الأمريكية-العربية.
السيناريو الوسطي
- تمديد وقف إطلاق النار مع استمرار المفاوضات حول المرحلة الثانية.
- بدء مشاريع إعمار محدودة بتمويل قطري-تركي.
- إجراء انتخابات فلسطينية تحت إشراف دولي.
الخاتمة: تداخل الحلول والأزمات
المشهد الحالي في غزة يشبه لعبة الشطرنج السياسية، حيث تحركات ترامب التكتيكية وصراعات نتنياهو الداخلية تتفاعل مع الاستجابة العربية السريعة…