عودة أنور نصر الدين هدام إلى الجزائر بعد 32 عامًا من اللجوء السياسي
عاد القيادي السابق في “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” الجزائرية المحظورة، أنور نصر الدين هدام، إلى بلاده الجزائر بعد 32 عامًا من اللجوء السياسي في الولايات المتحدة. وقد أثار هذا القرار الكثير من الجدل والانتقادات، لا سيما بين المعارضين للإسلاميين الذين يرون في هدام رمزا للعشرية السوداء، التي شهدت فترة عنف وصراع سياسي عنيف في التسعينات.
خلفية العودة المثيرة للجدل
في منشور نشره هدام على حسابه الشخصي عبر وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأحد، أكد أنه متواجد حاليا في الجزائر، مهاجما من وصفهم بالذين “ينشرون الأكاذيب المسمومة” حول عودته. ورافق منشوره صورة لغلاف كتابه “المصالحة الوطنية في الجزائر… خطوة نحو حل اختيار السلطة السياسية”، الذي أصدره منذ قرابة عقدين من الزمن. وقد أرفق المنشور برسالة دعم لبلده قائلا: “بلدنا في طريق التعافي… مشوار طويل وصعب يحتاج إلى من يقوي جبهته الداخلية”.
ومع ذلك، لم يغفل هدام في منشوره الرد على تصريحات نقلت عنه سابقا، حيث أشاد بتفجير استهدف مقر الشرطة المركزية في العاصمة الجزائرية في عام 1995، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل 42 شخصا. ورغم نفيه الضمني لهذا التصريح، لا يزال معارضوه يشيرون إلى مواقفه السابقة الداعمة للعمل المسلح الذي وقع بعد إلغاء الجيش نتائج الانتخابات البرلمانية عام 1992، والتي فازت فيها “جبهة الإنقاذ”.
التصعيد في أوساط المعارضين للإسلاميين
عودة هدام إلى الجزائر أحدثت ردود فعل قاسية في أوساط المعارضين للإسلاميين، إذ يرى هؤلاء أن عودته تمثل استفزازا لهم وللذاكرة الوطنية المرتبطة بالعنف الذي عانت منه الجزائر في تلك الحقبة. ويعتبر هدام في نظرهم رمزا من رموز العشرية السوداء، حيث تعرضت البلاد لسلسلة من الهجمات والتفجيرات من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة، بما في ذلك تلك التي كانت تدعمها “جبهة الإنقاذ”.
إجراءات قانون السلم والمصالحة
وكان هدام قد استفاد من “قانون السلم والمصالحة” الذي صدر في الجزائر عام 2006، والذي يمنح للمسلحين الإسلاميين في الداخل ولقيادات “الإنقاذ” في الخارج فرصة التوقف عن العنف مقابل إلغاء الملاحقات القضائية ضدهم. ومع ذلك، ينص القانون على فرض قيود على “الإنقاذيين”، مثل منعهم من العمل السياسي أو تأسيس أحزاب أو الترشح للانتخابات.
وعلى الرغم من هذا، فإن هدام قد أصر في منشوراته على أن الجزائر “في طريق التعافي” وأنه يجب دعم جبهتها الداخلية في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية. وعلى صعيد آخر، رفضت بعض الشخصيات البارزة في الجزائر هذه القيود المفروضة على قيادات “الإنقاذ”، وعلى رأسهم علي بن حاج، نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، الذي يخضع للإقامة الجبرية.
العودة إلى الحياة السياسية في الجزائر
تعتبر عودة هدام بمثابة خطوة لفتح الباب أمام قادة آخرين من “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” للتواجد مجددا في الجزائر. في هذا السياق، ذكر الصحافي الجزائري عبد الرحمن سمار في تصريحات عبر فيديو أنه من المحتمل أن تكون عودة هدام قد تمت في إطار التغيرات التي شهدتها الجزائر في سياق السياسة الإقليمية والدولية، رغم أنه لم يوضح المقصود تحديدا من هذا التصريح.
وبالنظر إلى مواقف هدام السابقة، فإنه من الواضح أن عودته إلى الجزائر ستكون محط أنظار العديد من الأطراف السياسية، سواء كانت مؤيدة أو معارضة لحركات الإسلام السياسي. خاصة مع أن العودة تشير إلى إمكانية تغيير سياسات الحكومة الجزائرية تجاه الإسلاميين المعارضين، في ظل التسوية التي بدأت تظهر بعد فترة طويلة من العنف والصراع الداخلي.