تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن أوكرانيا
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحات جديدة أن أوكرانيا “يمكنها أن تنسى عضويتها في حلف شمال الأطلسي”، مشيرًا إلى أن هذا الموضوع لن يكون جزءًا من المفاوضات المستقبلية. جاءت هذه التصريحات أثناء استعداده لاستضافة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض يوم الجمعة المقبل. وركز ترامب في تصريحاته على أنه يأمل في إجراء لقاء قريب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في أوكرانيا.
وفي معرض حديثه، أشار ترامب إلى أن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب يتطلب تنازلات من كلا الطرفين، لكنه رفض الكشف عن تفاصيل حول التنازلات المطلوبة من روسيا أو أوكرانيا. وجاءت هذه التصريحات في وقت حساس، حيث يواصل النزاع بين روسيا وأوكرانيا تصعيده منذ غزو موسكو للبلاد في فبراير 2022.
الانتقادات الروسية والوجود العسكري لحلف الناتو
من جانبها، تواصل روسيا انتقادها للوجود العسكري لحلف شمال الأطلسي في دول البلطيق وبولندا، مشيرة إلى أن نشر أنظمة الدفاع الصاروخي التابعة للناتو في بولندا ورومانيا يشكل تهديدًا لأمنها. وفي وقت سابق، اعتبرت موسكو أن توسع حلف الناتو شرقًا هو أحد الأسباب الرئيسية التي دفعتها لغزو أوكرانيا.
الاتفاق بشأن الموارد الطبيعية الأوكرانية
وفي إطار الاجتماعات المستمرة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، تحدث ترامب عن اتفاق تاريخي بين البلدين يتيح للولايات المتحدة الوصول إلى الموارد الطبيعية الأوكرانية. وقال الرئيس الأمريكي إن هذا الاتفاق لا يتضمن ضمانات أمنية رسمية لأوكرانيا ضد غزو روسي جديد، وهو ما كان أحد المطالب الرئيسية لكييف.
وقال ترامب في تصريحات لوسائل الإعلام: “مشاركتنا في تطوير المناجم الأوكرانية تعني ضمان أمننا تلقائيًا. لأننا سنكون في تلك الأرض ولن يجرؤ أحد على القتال في حضور أمريكا”. وأضاف أن الولايات المتحدة ستتأكد من أن الأمور تسير على ما يرام في أوكرانيا، مشيرًا إلى قربها الجغرافي من أوروبا.
تفاصيل الاتفاق بين واشنطن وكييف
وفقًا للتفاصيل المتاحة عن الاتفاق، والذي لم يتم بعد التصديق عليه من البرلمان الأوكراني أو الكونغرس الأمريكي، يتضمن منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى الموارد الطبيعية الأوكرانية، بما في ذلك المعادن والنفط والغاز. كما يتفق الطرفان على إنشاء “صندوق استثمار لإعادة الإعمار” سيتم إدارته بشكل مشترك. ويشترط الاتفاق أن تدفع أوكرانيا 50% من عائداتها المستقبلية من هذه الموارد إلى الصندوق.
ومع ذلك، يبقى العديد من الأسئلة بدون إجابة بشأن تفاصيل الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بتقسيم الملكية المشتركة للصندوق وإدارة موارده. وقال ممثلو البرلمان الأوكراني إن الاتفاق قد يعزز الاقتصاد الأوكراني من خلال استثمارات أمريكية كبيرة، لكنهم أشاروا إلى ضرورة إجراء مزيد من المفاوضات حول تفاصيل هذا الصندوق.
أوكرانيا وروسيا: الوضع الأمني والآمال في الحل الدبلوماسي
من جهة أخرى، كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد طالب في وقت سابق بتقديم ضمانات أمنية من الولايات المتحدة ضد أي تهديد روسي مستقبلي. لكن ترامب أكد أنه لا يعتزم تقديم هذه الضمانات رسميًا، مشيرًا إلى أن مسؤولية ضمان أمن أوكرانيا تقع على عاتق الدول الأوروبية.
ولا يتضمن الاتفاق ضمانات أمنية محددة من الولايات المتحدة لأوكرانيا، وهو ما كان أحد المطالب الرئيسية لكييف. كما لا يحدد المستند ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل تقديم المعدات العسكرية والذخيرة لأوكرانيا.
ويبدأ نص الاتفاق بالإشارة إلى أن واشنطن “قدمت دعما ماليا ومادياً كبيراً لأوكرانيا منذ الغزو الروسي الكامل”. ولكن لا يوجد أي ذكر لطلب واشنطن السابق بالحصول على حق الحصول على 500 مليار دولار من العائدات المحتملة من الوصول إلى الموارد المعدنية في أوكرانيا، والذي ورد ذكره في المسودة الأولية للاتفاق. وهذا أمر وصفه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرارا وتكرارا بأنه غير مقبول.
ولا يتضمن الاتفاق التزامات أمنية ثابتة من جانب الولايات المتحدة، لكنه ينص على أن الولايات المتحدة “تدعم جهود أوكرانيا للحصول على ضمانات أمنية”. وينص الاتفاق أيضا على أن واشنطن سوف “تلتزم بالحفاظ على الدعم المالي طويل الأجل لتنمية أوكرانيا المستقرة والمزدهرة اقتصاديا”.
وبالإضافة إلى هذه التصريحات العامة، فإن الجزء الرئيسي من الاتفاق يتعلق بإنشاء “صندوق استثمار لإعادة الإعمار” الذي سيتم إدارته بشكل مشترك. وافقت أوكرانيا على دفع 50 بالمائة من عائداتها المستقبلية من الموارد الطبيعية المملوكة للدولة إلى الصندوق.
وتؤكد الاتفاقية أن هذه الموارد ستشمل الثروة المعدنية والنفط والغاز، بالإضافة إلى الإيرادات المرتبطة بمحطات وموانئ الغاز الطبيعي المسال. كما ينص صراحة على أن “مصادر الإيرادات المستقبلية هذه لن تشمل مصادر الإيرادات الحالية التي تشكل حاليًا جزءًا من الميزانية العامة لأوكرانيا”.
وسيتم إعادة استثمار أموال الصندوق في أوكرانيا “سنويًا على الأقل”. إن الاتفاق الحالي لا يجيب على العديد من الأسئلة الرئيسية. وينص نص الاتفاق على أن هذه القضايا سيتم تناولها في اتفاق مستقبلي وأن مجموعات العمل ستبدأ المفاوضات بشأنها “دون تأخير”.
ومن بين هذه القضايا الرئيسية كيفية تقسيم الملكية المشتركة للصندوق، وهو ما يشير إلى أن هذا التقسيم لن يكون بالضرورة بسيطا بنسبة 50-50. ولم يتم تحديد التفاصيل المتعلقة بـ “إدارة وتشغيل” هذا الصندوق حتى الآن. وتنص الاتفاقية على أنه لا يجوز لأي طرف “بيع أو نقل أو التصرف بأي جزء من الصندوق دون موافقة الطرف الآخر”. وبعبارة أخرى، لا يمكن لأي طرف الانسحاب من هذا الاتفاق من جانب واحد.
ويخضع الاتفاق لموافقة البرلمان الأوكراني، لكن لا يوجد أي ذكر للتصديق عليه من قبل الكونجرس الأمريكي. وبالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن الاتفاق قد يكون بمثابة انتصار سياسي. لقد عمل بجد من أجل الحصول على هذا الاتفاق والآن حققه. وكان ترامب يقوم بحملة نشطة في الأسابيع الأخيرة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، كما التقى كبار المسؤولين من واشنطن وموسكو مؤخرا في المملكة العربية السعودية.