في ظل المشهد السياسي المتقلب الذي تشهده سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، عادت النجمة السورية سلاف فواخرجي إلى واجهة الجدل عبر تصريحات مثيرة وصفت بالاستفزازية، حيث أنكرت جرائم النظام السابق وبررت وجود القوات الأجنبية، مما أثار موجة عارمة من الانتقادات من قبل النشطاء والفنانين والمجتمع الدولي.
هذا التقرير يستعرض تفاصيل هذه التصريحات، السياق التاريخي لدعم فواخرجي للنظام، والردود المكثفة التي تلقتها، مع تحليل للأبعاد السياسية والاجتماعية لهذا الجدل.
الخلفية التاريخية لمواقف سلاف فواخرجي المؤيدة للنظام
ارتباطها العضوي بالنظام السابق
عُرفت سلاف فواخرجي بمواقفها الداعمة لنظام بشار الأسد منذ اندلاع الثورة السورية في 2011. في مقابلة سابقة مع قناة “DW” الألمانية عام 2020، بررت دعمها للنظام بالخوف من وصول “الإخوان المسلمين” إلى السلطة، معتبرة أن البديل كان سيؤدي إلى تحويل سوريا إلى “دولة دينية”.
كما وصفت الأسد في عام 2016 بـ”الإنسان الشريف المصلح”، وكررت تأكيداتها بأن الحرب في سوريا كانت في مراحلها الأخيرة وأن المشاكل الاقتصادية قيد الحل.
المشاركة في الفعاليات الرسمية
شاركت فواخرجي في مناسبات رسمية جمعتها ببشار الأسد وزوجته أسماء، حيث نشرت صوراً لها معهما على منصات التواصل الاجتماعي، وكتبت ذات مرة: “شكراً سيدي الرئيس لشرف اللقاء”.
كما دعمت علناً العمليات العسكرية للنظام، مثل عملية “ردع العدوان”، حيث أشادت بالميليشيات الموالية قائلة: “نحن جيش خلفكم”.
التصريحات المثيرة للجدل عام 2025
إنكار جرائم النظام وتشويه صورة الثورة
في مقابلة تلفزيونية نُشرت في فبراير 2025، قدمت فواخرجي رواية مغايرة للأحداث، زعمت فيها أن الثورة السورية “لم تدم أكثر من خمسة أيام” قبل أن تتحول إلى “معارضة مسلحة”، مشيرة إلى أن التوجهات الدينية استغلت الأحداث.
كما بررت وجود القوات الروسية والإيرانية وحزب الله، واصفة إياهم بـ”حلفاء للدولة السورية”، ووصفت حسن نصر الله بأنه “زعيم أمة”.
التبرير المطلق لانتهاكات النظام
ذهبت فواخرجي إلى حد إنكار المسؤولية المباشرة لبشار الأسد عن المجازر، قائلة: “الرئيس لا يعرف ما يفعله الرجالات في محيطه”.
وأضافت أن الدم السوري “دمي”، معتبرة أن من حق الدولة “الدفاع عن أمنها القومي”.
كما نفت تعرض الفنانين للاعتقال، مدعية أن مي سكاف طلبت الاعتقال بنفسها.
ردود الفعل العنيفة من النشطاء والفنانين
هجوم الفنانة ليلى عوض
ردت الممثلة والمخرجة ليلى عوض بشكل مباشر على إنكار فواخرجي للاعتقالات، قائلة: “دولتك ما احتضنت الفنانين المعارضين واعتقلت كتير منهم!”.
مشيرة إلى تعرضها هي شخصياً للاعتقال لمدة 16 شهراً، وإلى سجن سمر كوكش لأكثر من ثلاث سنوات، واختفاء زكي كورديللو وابنه مهيار.
كما ذكرت أن المونتير هشام موصللي توفي تحت التعذيب، وأن الفنان علي فرزات تعرض للاعتداء بشكل متكرر.
انتقادات فنانين مصريين
تعرضت فواخرجي لهجوم من نجمات مصريات مثل منة فضالي وندى بسيوني، اللواتي اتهمنها بـ”الوقاحة” و”إنكار الجميل”، خاصة بعد تصريحات سابقة لها ادعت فيها أنها كانت ستتفوق على الممثلات المصريات لو استمرت في العمل بمصر. وعلقت بسيوني: “بلدك التانية وأهلا وسهلا بك في بلدنا”.
غضب النشطاء السوريين على وسائل التواصل
شن نشطاء سوريون حملة ضد فواخرجي، وصفوها بـ”الشبيحة”، مطالبين بمحاكمتها لدعمها نظاماً متورطاً بجرائم حرب. أحد التعليقات البارزة جاء: “إنكار المجازر عمل لا إنساني!”. كما انتقدوا تناقضها في التنديد بالانتهاكات الإسرائيلية بينما صمتت عن جرائم النظام.
السياق الموضوعي: تقارير دولية تكشف فظائع النظام
تقرير مطار المزة العسكري
كشف تقرير للمركز السوري للعدالة والمساءلة عن وجود مقابر جماعية في مطار المزة، حيث لقي أكثر من 1000 سوري حتفهم إما بالإعدام أو التعذيب. وشهد الناجي شادي هارون على الظروف اللاإنسانية، مشيراً إلى انتشار الغرغرينا بسبب الإهمال الطبي المتعمد.
شهادات الناجين من السجون
روى ناشطون مثل شادي هارون تفاصيل مروعة عن التعذيب المنهجي، بما في ذلك الضرب بالسياط والحرمان من العلاج، مما أدى إلى بتر أطراف المعتقلين. هذه الشهادات تتناقض جذرياً مع رواية فواخرجي التي تصور النظام ككيان “شرعي” يدافع عن الأمن القومي.
التحليل النفسي والسياسي لمواقف فواخرجي
الانفصام عن الواقع
يكمن التناقض الرئيسي في رواية فواخرجي بين تصويرها لسوريا “المتحضرة” تحت حكم الأسد، وبين الوقائع الموثقة بالفظائع. يرى محللون أن هذا الانفصام يعكس حالة إنكار مرتبطة بمصالح شخصية أو خوف من مواجهة الحقائق.
الدور الوظيفي في الترويج للرواية الرسمية
تعمل تصريحات فواخرجي كأداة لتلميع صورة النظام السابق، خاصة في ظل محاولات بعض الأطراف إعادة تأهيله دولياً. استخدامها لخطاب عاطفي مثل “الدم السوري دمي” يهدف إلى تحويل الانتباه عن الجرائم الممنهجة.
التأثيرات الملموسة على مسيرتها الفنية
العزلة النسبية بعد سقوط النظام
بعد فرارها إلى مصر، واجهت فواخرجي تحديات في الحفاظ على حضورها الفني. على الرغم من مشاركتها في مسلسل “ليالي روكسي” الرمضاني 2025، إلا أن استبدالها بكاريس بشار في مسلسل “حبق” يشير إلى تراجع ثقة المنتجين بها.
انقسام الجمهور بين التأييد والرفض
بينما دعمها بعض المتابعين كـ”سيدة حرة”، هاجمها آخرون لـ”انعدام الضمير”. التعليقات على منشوراتها تعكس هذا الانقسام، حيث كتب أحد المؤيدين: “وجودك حياة لقلوبنا”، بينما وصفها الناقد علي دوخي بـ”المنافقة”.
الخاتمة: بين حرية التعبير ومسؤولية النفي
تثير قضية سلاف فواخرجي أسئلة جوهرية حول حدود حرية التعبير في سياق إنكار جرائم ضد الإنسانية. بينما يحق لها التعبير عن رأيها، فإن إنكار الوقائع الموثقة دولياً – كالمجازر والتعذيب – يضعها في مواجهة مع ضحايا النظام ومطالب العدالة. التحدي الأكبر يكمن في تحقيق مصالحة وطنية حقيقية تعترف بمعاناة جميع السوريين دون تزييف التاريخ.











