إشعال الجدل الدولي: الضغوط السياسية على ترامب
تتصاعد الضغوط من جماعات مسيحية أمريكية مؤثرة لدفع الرئيس دونالد ترامب نحو الاعتراف الرسمي بسيادة إسرائيل على الضفة الغربية، في إطار تحالف غير مسبوق يجمع بين الأجندة السياسية لليمين الإسرائيلي والرؤى اللاهوتية للإنجيليين الأمريكيين.
تأتي هذه المطالب بالتزامن مع تسريع الحكومة الإسرائيلية لخطة ضم المنطقة “ج” التي تشكل 60% من أراضي الضفة، حيث يعيش نحو 740 ألف مستوطن.
الجذور اللاهوتية للدعم الإنجيلي
تعود جذور هذا التحالف إلى تفسيرات كتابية لجماعات مسيحية تؤمن بأن قيام إسرائيل الكبرى شرطٌ أساسي لعودة المسيح. يشرح القس فرانكلين غراهام، أحد أبرز الداعمين لترامب: “نرى في إسرائيل تحقيقاً للنبوءات التوراتية، وواجبنا دعمها بلا تحفظ”.
تُشير دراسات معهد بيو للأبحاث إلى أن 69% من الإنجيليين البيض يؤيدون استخدام الكتاب المقدس كأساس للتشريعات الأمريكية، بما في ذلك السياسة الخارجية.
في هذا السياق، يُنظر إلى قرار ترامب المرتقب بضم الضفة الغربية على أنه انتصار هام للمسيحيين الإنجيليين الأمريكيين الذين يدافعون عن هذه السياسات. فقد أدت هذه الخطوة إلى تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما يلقى تأييدًا من قطاعات واسعة من المسيحيين الأمريكيين الذين يعتبرون هذا القرار جزءًا من دعمهم المطلق لإسرائيل. هؤلاء المسيحيون ينظرون إلى الدولة اليهودية كجزء من رؤيتهم الدينية المرتبطة بالنبوءات التوراتية.
آلية الضغط السياسي
تعمل شبكة من 300 منظمة إنجيلية عبر حملات ضغط ممنهجة، حيث نجحت عام 2023 في حشد 1.2 مليون توقيع لعريضة تطالب بالاعتراف الكامل بالسيادة الإسرائيلية. يقول ديفيد بروك، مؤسس ائتلاف “مسيحيون من أجل إسرائيل”: “نستثمر 40 مليون دولار سنوياً في الحملات التشريعية وبناء التحالفات”.
أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مغلق مع مستشاريه: “فرصة ترامب الذهبية تُلزمنا بتحقيق إنجاز استراتيجي يتجاوز مجرد وقف التوسع الاستيطاني”. من جانبه، يُصرح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش: “2025 يجب أن يكون عام السيادة الكاملة على يهودا والسامرة”.
وتشهد القدس الشرقية تصعيداً في عمليات الهدم، حيث أزالت الجرافات الإسرائيلية 115 منزلاً فلسطينيًا خلال أسبوع واحد فقط من إعادة ترامب للسلطة. يقول الناشط فخري أبو دياب: “لم تعد إسرائيل تخشى عقوبات المجتمع الدولي بعد الضوء الأخضر الأمريكي”.
السيناريوهات المحتملة للضم
تُطرح ثلاثة مسارات رئيسية وفقاً لمركز كارنيغي للشرق الأوسط:
- الضم الرسمي: إعلان سيادة إسرائيلية كاملة على الضفة الغربية، مما يؤدي إلى انهيار حل الدولتين.
- الضم الواقعي: تكريس الأمر الواقع الاستيطاني مع تصعيد المقاومة الفلسطينية.
- نموذج الجولان السوري: اعتراف أمريكي أحادي الجانب وتأزم العلاقات العربية الأمريكية.
تأثير القرار على حل الدولتين
قرار ضم الضفة الغربية يعد ضربة كبيرة لمساعي حل الدولتين، وهو الحل الذي يراه الكثيرون في المجتمع الدولي أنه يشكل عملية إشعال الشرق الأوسط ويؤدي إلى مزيد من الصراع في المنطقة. وينص حل الدولتين على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، وهو ما يمثل الحد الأدنى من التوقعات التي وضعتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي كحل للنزاع طويل الأمد.
من خلال دعم ضم الضفة الغربية، تكون إدارة ترامب قد أجبرت الفلسطينيين على مواجهة حقيقة جديدة تتعلق بمستقبلهم السياسي والجغرافي. كما أن هذا القرار يهدد بشكل جدي إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويعزز من الانقسامات بين الفصائل الفلسطينية.
على الرغم من الدعوات الدولية لوقف التوسع الاستيطاني، فإن دعم ترامب لضم الضفة الغربية قد يُنظر إليه على أنه ضوء أخضر لإسرائيل للاستمرار في سياساتها الاستيطانية، ما يقوض فعلاً من إمكانية حل الدولتين.
قد يفقد الاقتصاد الفلسطيني 40% من ناتجه المحلي حال تنفيذ خطة الضم الإسرائيلية، وفق تقديرات البنك الدولي. تشير البيانات إلى أن المنطقة “ج” تحتوي على 63% من الأراضي الزراعية و80% من الموارد المائية الفلسطينية.










