شهدت مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية عمليات تصفية وإعدام على أساس طائفي ومناطقي، راح ضحيتها 524 مواطنا، بينهم نساء وأطفال، حيث ارتكبت قوات الأمن وعناصر وزارة الدفاع السورية، بالإضافة إلى القوات الرديفة، جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان وسط غياب الرادع القانوني.
جاءت هذه التطورات ضمن موجة عمليات تمشيط عسكرية واشتباكات عنيفة مع عناصر موالية للنظام السابق، ما رفع الحصيلة الإجمالية للضحايا منذ بدء التصعيد يوم الخميس الماضي.
تفاصيل عمليات التصفية:
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، شهدت مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية عمليات تصفية وإعدام على أساس طائفي ومناطقي، راح ضحيتها 340 مواطنا، بينهم نساء وأطفال، على يد قوات الأمن وعناصر وزارة الدفاع السورية، بالإضافة إلى القوات الرديفة.
هذه العمليات التي وصفت بأنها انتقام جماعي، تندد بها المنظمات الحقوقية الدولية، والتي أكدت أن عمليات التصفية تمت بشكل منهجي وعلى نطاق واسع، تشبه تلك التي كانت تمارسها قوات النظام السوري في السنوات السابقة.
تفاصيل عمليات التصفية في اليوم الأول للعملية:
- مدينة بانياس (ريف طرطوس): 60 مدنيا بينهم 10 نساء و5 أطفال أعدموا رميا بالرصاص في هجوم مكثف.
- دوير بعبدة – بيت عانا (ريف جبلة/اللاذقية): 7 مدنيين قتلوا بإطلاق نار مباشر.
- قرية الشير (ريف اللاذقية): 24 مدنيا سقطوا خلال إعدام جماعي.
- قرية المختارية (منطقة الحفة/اللاذقية): 38 مدنيا أطلق الرصاص عليهم من مسافات متقاربة.
- بلدة الحفة (اللاذقية): 7 مدنيين توفوا جراء إصابات بالغة في الرأس والصدر.
- يحمور (ريف طرطوس): شابان قتلا أثناء محاولتهما الفرار من المنطقة.
- سلحب (ريف حماة): رجل وابنه أعدما بعد اعتقالهما من منزلهما.
- قرية قرفيص (اللاذقية): 22 مدنيا سقطوا في هجوم استهدف منازل القرية.
حصيلة القتلى في 8 مارس:
وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان صباح السبت 8 مارس مقتل 178 مدنيا في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة في عمليات إعدام ميدانية وتصفية، حيث تنوعت أماكن وقوع الجرائم كالتالي:
- مدينة بانياس وريفها: قتل 12 مدنيا، منهم 6 في منطقة جسر حريصون، 3 في حي القصور، و3 في قرية دير البشل.
- مدينة جبلة وريفها: قتل 116 مدنيا توزعوا على العديد من القرى مثل بيت لوحو (13 مدنيا)، حمام واصل (6 مدنيين)، بلوزة (4 مدنيين)، الهنادي (6 مدنيين)، الحفة (7 مدنيين)، شريفا (22 مدنيا).
- مناطق أخرى في الساحل السوري: 19 مدنيا.
- ريف حماة: قتل 31 مدنيا في قرية التويم، بينهم 9 أطفال و4 سيدات.
المطالبة بالتحقيق والمحاسبة:
يحذر المرصد السوري لحقوق الإنسان من خطورة تصاعد أعمال العنف ضد المدنيين في سوريا، مطالبا المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإرسال فرق تحقيق دولية مختصة لتوثيق هذه الانتهاكات الجسيمة. كما يدعو المرصد السلطات السورية في دمشق إلى محاسبة المتورطين من عناصر الأمن والدفاع الذين نفذوا عمليات الإعدام الميداني.
المرصد يعتبر أن الإفلات من العقاب يشجع على تكرار هذه الجرائم في المستقبل ويهدد الاستقرار السياسي والمجتمعي في سوريا، لا سيما في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد.
إدانات وتهديدات:
وجه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع خطابا شديد اللهجة عبر قناة الرئاسة على “تليغرام”، حاثا المقاتلين العلويين على تسليم أسلحتهم قبل “فوات الأوان”.
جاء التصريح الرئاسي وسط تحذيرات من منظمات حقوقية من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية طائفية، خاصة مع فرار مئات المدنيين إلى قاعدة طرطوس الجوية الروسية طلبا للحماية.
وأعربت الأمم المتحدة عن “قلق بالغ” من التصعيد الميداني، بينما دعت دول عربية إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن. من جهة أخرى، اتهمت روسيا جهات خارجية بـ”استغلال الوضع لزعزعة الاستقرار”، في إشارة إلى الدور التركي المزعوم في دعم الجماعات المسلحة.
تكشف الأحداث الأخيرة عن عمق الشرخ الطائفي في المناطق الساحلية، التي ظلت لعقود معقلا للطائفة العلوية. يقول الباحث الاجتماعي الدكتور نضال قاسم: “التحولات الأخيرة أعادت إنتاج أنمصر الصراع القديمة بوعاء جديد، حيث تحولت الخلافات السياسية إلى صراع هوياتي”.