تحديات فرنسا في مساعيها لرفع العقوبات عن سوريا
تواجه فرنسا تحديات كبيرة في مساعيها لرفع العقوبات عن سوريا وإعادة دمجها في المجتمع الدولي، وذلك بعد تصاعد مذبحة العلويين في الساحل السوري، والتي جاءت جراء اشتباكات بين سلطة أحمد الشرع وفلول النظام السوري، وتورط مجموعات جهادية تابعة لوزارة الدفاع السورية في قتل المدنيين السوريين في اللاذقية وطرطروس وبانياس.
كانت فرنسا تُعتبر القوة الرئيسية في فتح أبواب المجتمع الدولي أمام دمشق، لكن الوضع أصبح أكثر تعقيدًا مع تصاعد الأصوات داخل فرنسا المطالبة بوقف هذه الجهود. هذه الأصوات تتزايد خصوصًا بعد الأعمال الدموية في الساحل السوري، التي أسفرت عن مقتل مئات المدنيين، مما جعل فرنسا تواجه ضغوطًا داخلية قوية لتغيير سياستها تجاه النظام السوري.
ردود الفعل القاسية في فرنسا
برونو روتايو، وزير الداخلية اليميني المتشدد، أطلق تصريحات قاسية ضد النظام السوري، مؤكدًا أن “المجتمعات المسيحية والعلوية في سوريا تعتمد على المجتمع الدولي وفرنسا بشكل خاص لوضع حد لهذه الفظائع التي تعرضوا لها على يد البرابرة الإسلاميين في سوريا”. هذه التصريحات تعكس القلق المتزايد لدى المسؤولين الفرنسيين من تصاعد العنف في المنطقة واستهداف الأقليات العلوية والمسيحية.
أما فرانسوا فيون، رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق والمرشح الرئاسي اليميني، فقد وجه نداءً مباشرًا إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مطالبًا إياه بالتحرك بشكل حاسم. فيون حذر من أن الحكومة السورية الجديدة قد تستغل العلاقات مع فرنسا في وقت تسمح فيه بحدوث “عملية قضاء منهجي ضد السكان العلويين والمسيحيين”.
فيما اعتبر جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، أن “سقوط بشار الأسد” لم يكن نهاية للمعاناة، بل بداية لتورط فرنسا في علاقات مع “ورثة القاعدة وداعش”، مشيرًا إلى خطورة هذه الفصائل التي ارتكبت اعتداءات في فرنسا.
إريك سيوتي، رئيس تجمع اليمين الجمهوري، وحليف حزب التجمع الوطني، أضاف صوته إلى الأصوات المناهضة للسياسات الفرنسية تجاه سوريا. سيوتي اتهم النظام السوري بارتكاب “جرائم قتل بالتواطؤ مع من هم في السلطة” ودعا فرنسا إلى التوقف عن “السذاجة” في التعامل مع “النظام الإسلامي” الذي وصفه بالهمجي.
الصحف الفرنسية تُعلق على الوضع السوري
وسائل الإعلام الفرنسية تناولت الموضوع بشكل مكثف، حيث قالت صحيفة لوموند: “جراح ثلاثة عشر عامًا من الحرب الأهلية التي طمست بعد نشوة التحرر من براثن الأسد عادت لتطفو على السطح في السادس من مارس.”، في إشارة إلى عودة النزاعات الطائفية والعنف المميت في المنطقة.
ليبيراسيون أشارت إلى أن “العنف الذي يهز الساحل السوري يشكل نقطة تحول بالنسبة لمستقبل البلاد والحكومة الجديدة”. بينما اعتبرت لوفيغارو أن “السلطة الجديدة في سوريا تستهدف الطائفة العلوية”، في توجيه اتهام مباشر للنظام السوري بممارسات طائفية ضد الأقلية العلوية.
أما صحيفة لومانيتيه، فقد لفتت إلى “فشل السلطات في وقف العنف” في المنطقة العلوية، مؤكدة أن النظام السوري “الحديد” يقف على “خيط رفيع”، في تحذير من انهيار محتمل للسلطة المركزية في حال استمر العنف بهذا الشكل.
صحيفة لوباريزيان تناولت الموضوع من زاوية إنسانية، حيث كتبت أن “المأساة السورية عادت إلى الظهور مجددًا بعد ألف قتيل في انتقام طائفي بين العلويين والسنة”، في تعبير عن الأثر الكبير لهذه الأحداث على الوضع الإنساني في سوريا.
التعقيدات المتزايدة لفرنسا
يبدو أن الوضع في سوريا قد تعقد بشكل كبير بالنسبة لفرنسا، حيث تواجه ضغوطًا داخلية متزايدة لوقف دعمها لحكومة الأسد ومحاولة التوسط في علاقات مع النظام السوري في وقت يتصاعد فيه العنف الطائفي والمذابح ضد الأقليات. وعلى الرغم من المساعي الفرنسية السابقة لإعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي، فإن الأحداث الأخيرة في الساحل السوري قد تسببت في تعميق الانقسامات داخل فرنسا بشأن سياستها تجاه سوريا، مما يجعل الطريق أمام رفع العقوبات والدمج الدولي أكثر صعوبة من أي وقت مضى.