الخبراء يرون في اتفاق قسد ودمشق تحولا في السياسة الإقليمية ويشكل تحدياً لإيران وتركيا
رأى العديد من الخبراء السياسيين أن الاتفاق الأخير بين قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، والرئيس السوري أحمد الشرع، يمثل تحولًا كبيرًا في السياسة الإقليمية، ويعتبر بمثابة “نهاية لأهم ورقة كانت تناور بها إيران” في الداخل السوري. كما أشاروا إلى أن هذا الاتفاق يضع تركيا في موقع متقدم في سعيها لتضييق الخناق على إيران وعزلها تدريجيًا عن المشهد الإقليمي، ما قد يؤدي إلى صدام محتمل بين أنقرة وطهران في العراق في المستقبل القريب.
إيران تفقد أوراقها في سوريا
فراس إلياس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل، اعتبر أن الاتفاق بين قسد ودمشق “أنهى أهم ورقة” كانت تمتلكها إيران في سوريا، والتي تتعلق بالتحكم في العمليات العسكرية والسياسية في بعض مناطق الشمال السوري. وأضاف إلياس أن تركيا تسعى لتضييق الخناق على إيران، مما يعزز عزل طهران تدريجياً من المشهد الإقليمي، خاصة في مناطق مثل سوريا والعراق.
وأوضح إلياس أن تركيا تمضي قدمًا في مساعيها لتأمين مصالحها في هذه المناطق بعيدًا عن التأثيرات الإيرانية، متوقعًا أن يكون الصدام المقبل بين أنقرة وطهران في العراق، حيث ستركز تركيا على إنهاء النفوذ الإيراني عبر حزب العمال الكردستاني (PKK).
مظلوم عبدي يحقق انتصارا استراتيجيا
من جهته، أشار سمير عبيد، المحلل السياسي العراقي، إلى أن مظلوم عبدي أظهر “حكمة وحنكة سياسية كبيرة” في التعامل مع الأزمة السورية الأخيرة، التي كانت تركيا طرفًا رئيسيًا فيها. وبيّن عبيد أن عبدي تمكن من “قراءة المشهد بعناية فائقة”، حيث لم ينجر وراء استفزازات تركيا، بل سعى إلى توسيع دائرة الحوار مع دمشق بدلاً من الدخول في صراعات مع النظام السوري.
وأشار عبيد إلى أن عبدي أبدع في الحفاظ على أمن الشعب الكردي في سوريا وجغرافيا مناطق قسد، حيث نجح في تعزيز الحوار السوري-السوري بدلاً من الانجراف وراء تحالفات متناقضة قد تضر بمصلحة الشعب الكردي في سوريا. وخلص عبيد إلى أن عبدي قطع الطريق على إيران ومنظمات مثل حزب العمال الكردستاني (PKK) التي كانت تراهن على تأييد قسد لتشكيل جبهة ضد دمشق وتركيا، وبالتالي حافظ على “المصلحة الوطنية” لسوريا.
إيران وتركيا: صراع إقليمي قد ينتقل إلى العراق
تاريخيًا، كانت إيران وتركيا في حالة تنافس مستمر، لا سيما في سوريا والعراق، حيث عملت كل منهما على إزاحة الأخرى من مناطق النفوذ. وكانت حالة عدم الثقة بين البلدين ولا تزال عاملاً رئيسيًا في العلاقات بينهما، خاصة في ظل وجود حزب العمال الكردستاني المدعوم من إيران في المناطق الكردية.
ووفقًا للعديد من الخبراء، فإن تركيا بدأت تؤكد وجودها كقوة إقليمية من خلال دعمها للمعارضة السورية وتضييق الخناق على إيران في سوريا، بما في ذلك من خلال منع إيران من تنفيذ خططها في شرق الفرات. وتوقع الخبراء أن العراق سيكون المسرح التالي للصراع الإقليمي بين تركيا وإيران، خاصة مع تزايد النفوذ التركي في مناطق مثل كركوك والموصل، وتعزيز علاقاتها مع حكومة إقليم كردستان العراق.
مستقبل العراق
بينما يواجه العراق تحديات كبيرة تتعلق بالتوازن بين القوى الإقليمية في المنطقة، يتوقع الخبراء أن تتصاعد الضغوط الإقليمية بين تركيا وإيران في السنوات المقبلة. كما أشاروا إلى أن النفوذ الإيراني في العراق، الذي يرتكز بشكل رئيسي على دعم حزب الله والعصائب، قد يتعرض لتحديات جادة مع تصاعد النفوذ التركي في شمال العراق، خاصة في ظل تحركات الجيش التركي ضد قوات حزب العمال الكردستاني في المناطق الحدودية.