مهاجمة البرنامج النووي الإيراني: الحسابات المعقدة للعمل الوقائي
في مقال حديث نشره معهد واشنطن للدراسات، تناول مايكل آيزنشتات، مدير برنامج الدراسات الأمنية والعسكرية في المعهد، التحديات والحسابات المعقدة المرتبطة بتوجيه ضربة استباقية للبرنامج النووي الإيراني. وقد استعرض آيزنشتات في مقاله، الذي حمل عنوان “مهاجمة البرنامج النووي الإيراني: الحسابات المعقدة للعمل الوقائي”، الأسباب التي تجعل الهجوم العسكري على المنشآت النووية الإيرانية أكثر تعقيدًا من مجرد تنفيذ ضربة واحدة.
حملة عسكرية متعددة الأوجه
بحسب آيزنشتات، الهجوم العسكري الاستباقي على المنشآت النووية الإيرانية لن يكون حدثًا فرديًا بل سيكون بداية لحملة واسعة تتألف من ضربات جوية، عمليات سرية، وحروب اقتصادية وإعلامية. وأضاف أن الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت أنظمة الدفاع الجوي إس-300 في إيران خلال عامي 2024 (في شهري أبريل وأكتوبر) قد تشير إلى بداية هذه الحملة. تلك الغارات مهدت الطريق لاستهداف منشآت نووية مثل أصفهان ونطنز، وكذلك مواقع أخرى مثل منشأة إنتاج صواريخ طالقان 2 وموقع الأبحاث في بارشين.
تحديات التنفيذ
رغم الضغوط العسكرية المتزايدة، يرى آيزنشتات أن تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل أمر بالغ الصعوبة بسبب تشتت المنشآت النووية الإيرانية وقوتها الدفاعية. وبالتالي، من المحتمل أن تحاول إيران إعادة بناء برنامجها النووي بعد الضربة الأولى، مما يتطلب هجمات مستمرة وتعزيزًا للاستخبارات والعمليات العسكرية على مدى الأشهر والسنوات التالية.
التعاون الأميركي والإسرائيلي
رغم عدم تنفيذ هجوم رسمي حتى الآن، يشير المقال إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصر على تدمير البرنامج النووي الإيراني تمامًا، وهو نهج يدعمه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي كان قد اعتمد سياسة “الضغط الأقصى” ضد إيران. ومع ذلك، يرى آيزنشتات أن الدرس المستفاد من حرب الخليج عام 1991 ضد العراق يُظهر أنه من الصعب تدمير برنامج نووي سري بالوسائل العسكرية وحدها، كما حصل مع العراق حيث نجت البنية التحتية العلمية النووية من الهجمات الجوية الأمريكية.
التفوق الاستخباراتي الإسرائيلي
آيزنشتات يشير إلى التفوق الاستخباراتي الإسرائيلي على البرنامج النووي الإيراني، وهو ما قد يزيد من فرص نجاح الهجوم مقارنة بالهجمات الأميركية السابقة. إلا أن مشاركة الولايات المتحدة في الهجوم ستكون ضرورية لزيادة فعاليته. ويؤكد الكاتب على أن الهجوم الناجح يجب أن يحقق ثلاثة أهداف رئيسية: إبطاء أو وقف البرنامج النووي الإيراني إلى أقصى حد ممكن، تجنب تحوله إلى صراع واسع النطاق، وتسهيل اتخاذ تدابير لمنع إعادة بناء البرنامج.
التوقيت والتحديات السياسية
في ختام مقاله، يحذر آيزنشتات من أن أي تسرع في شن الهجمات قد يؤدي إلى الفشل السريع، وأن الصبر في اختيار الوقت المناسب من شأنه تقليل التكاليف والمخاطر السياسية. فهو يرى أن الهجوم يجب أن يتم في الوقت الذي تتوافر فيه أفضل الظروف السياسية والاقتصادية لضمان نجاحه وتقليل تداعياته على المنطقة.