تحقيق في تسريبات الاستخبارات الأمريكية
مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية يعلن بدء التحقيق في التسريبات ذات الدوافع السياسية ومراقبة غرف الدردشة الداخلية للوكالات.
مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية يعلن التحقيق في تسريبات الاستخبارات
أعلن مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية تجلسي جابارد أنه أمر بإجراء تحقيق في “تسريبات ذات دوافع سياسية” في مجتمع الاستخبارات، كما أنه يراقب غرف الدردشة الداخلية لهذه الوكالات للتحقيق في أي سوء سلوك من جانب الموظفين.
وأكدت تولسي جابارد، في سلسلة من المنشورات على موقع X: “إن الكشف بدوافع سياسية يقوض أمننا القومي ويؤدي إلى تآكل ثقة الشعب الأمريكي. “لن يتم التسامح مع مثل هذه الأفعال”.
وأضافت: “للأسف أصبحت هذه الاكتشافات أمرا عاديا، دون أي تحقيق أو محاسبة”. ولكن هذه العملية سوف تتوقف اليوم. “نحن على علم بالأفراد المسؤولين عن هذه الاكتشافات الأخيرة وسوف نلاحقهم بقوة.”
وأشارت غابارد إلى التقارير التي نشرتها وسائل إعلام مثل صحيفة واشنطن بوست، وشبكة إن بي سي نيوز، وموقع ريكورد الإخباري، حول إسرائيل، والجمهورية الإسلامية، والعلاقات الأميركية مع روسيا.
ولكنه لم يحدد التقارير التي استندت إلى معلومات سرية ومتى نشرت.
وأكد أن “أي نشر غير مصرح به لمعلومات سرية يعد انتهاكا للقانون وسيتم ملاحقة مرتكبيه كجريمة خطيرة”.
تواجه الولايات المتحدة منذ عقود قضية شائكة تتمثل في تسريب وثائق ومعلومات سرية من وكالات استخباراتها المختلفة، مما يضعها في مواقف محرجة دولياً ويهدد أمنها القومي. وتمثل هذه التسريبات تحدياً كبيراً للإدارات الأمريكية المتعاقبة التي تسعى للموازنة بين الحاجة لمشاركة المعلومات داخلياً لتعزيز الأمن القومي، والحاجة لحماية هذه المعلومات من التسريب.
قضايا تسريبات بارزة في تاريخ الاستخبارات الأمريكية
تعتبر قضية ووترغيت من أبرز قضايا التسريبات في التاريخ الأمريكي الحديث، حيث أنها رغم مرور خمسين عاماً عليها ما زالت تشكل ندبة في وجه هذا التاريخ. وقد برزت هذه الفضيحة بعد اكتشاف أجهزة تنصت كان قد وضعها الجمهوريون في مكاتب الحزب الديمقراطي داخل مبنى ووترغيت بواشنطن، مما أدى في النهاية إلى استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون كأول حالة من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة.
كما شهدت الأعوام الأخيرة قضايا تسريبات كبرى، ففي مارس 2017 تعرضت المخابرات المركزية الأمريكية لأكبر إحراج علني في تاريخها، عندما بدأت منصة ويكيليكس في نشر تسريبات تتعلق بكيفية قيامها بمراقبة الحكومات الأجنبية والمتطرفين المزعومين وغيرهم، من خلال اختراق إلكترونياتهم وشبكات الكمبيوتر الخاصة بهم.
تحقيقات أمريكية وإجراءات قانونية
أسدل القضاء الأمريكي الستار على واحدة من أهم قضايا الأمن القومي المتعلقة بأكبر عملية تسريب للبيانات في تاريخ وكالة المخابرات المركزية، وذلك عندما حكم بسجن جوشوا شولت، وهو مهندس البرمجيات السابق في الوكالة الذي سرب البيانات، لمدة 40 عاماً. وقد قام شولت بتسليم موقع ويكيليكس مجموعة من أدوات التجسس السيبراني التابعة لـ “سي آي إيه” والمعروفة باسم “فاولت 7″، والتي وصفها المدعون الفيدراليون بأنها واحدة من أفظع الانتهاكات لقانون التجسس في التاريخ الأمريكي.
معضلة مشاركة المعلومات وخطر تسريبها
كشف التسريب المخابراتي الأمريكي الأخير عن إشكالية في عمل المخابرات، فحماية المعلومات السرية تتطلب الحد من مشاركتها إلا أن التحسب لأخطار على غرار هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 يتطلب مشاركتها. ويمثل حفظ التوازن بين المطلبين تحدياً محورياً للإدارة الأمريكية، إذ تسعى إلى منع التسريبات وفي الوقت نفسه حماية أمن الولايات المتحدة وضمان أن يستمر الحلفاء الذين يخشون من التعرض للمخاطر في تبادل المعلومات المخابراتية فيما بينهم.
الإجراءات المتوقعة لتعزيز الأمن المعلوماتي
قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إنها تعمل على مراجعة قوائم توزيع الوثائق السرية وتحديثها. ومن المرجح أن تضع الحكومة الأمريكية قيوداً أكثر صرامة على تدفق المعلومات، وربما تجعل من الصعب على مسؤولي الأمن “ربط الأمور ببعضها” وتجنب مخاطر مثل هجمات 2001 على نيويورك وواشنطن.
تمثل قضايا تسريب المعلومات الاستخباراتية تحدياً كبيراً للأمن القومي الأمريكي، وقد اتخذت الولايات المتحدة إجراءات قانونية صارمة ضد المتورطين في مثل هذه القضايا. ومع ذلك، تظل مسألة الموازنة بين ضرورة مشاركة المعلومات بين الأجهزة الأمنية المختلفة وبين حماية هذه المعلومات من التسريب تحدياً مستمراً. ومن المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في تعزيز إجراءاتها الأمنية وتطوير آليات جديدة للحد من مخاطر التسريبات، مع الحفاظ على فعالية عمل أجهزتها الاستخباراتية في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.