الشيخ حكمت الهجري يرفض الإعلان الدستوري السوري ويصفه بـ”الديكتاتوري”
أعلن الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، رفضه القاطع للإعلان الدستوري الذي أصدرته السلطات في دمشق مؤخراً، معتبراً إياه “إعلاناً ديكتاتورياً” يسلّم البلاد لشخص واحد بصلاحيات مطلقة. وفي بيان نشره على موقعه الرسمي، أعرب الهجري عن قلقه البالغ حيال الضبابية والغموض الحاصل في سوريا، منتقداً سياسة فرض الأمر الواقع بلون واحد التي تنتهجها سلطة دمشق وتحاول تغطية الأحداث عبر عناوين ملثّمة.
انتقادات حادة للسلطة الجديدة في دمشق
ندد الهجري بتكرار مشهد إدارة اللون الواحد لكل شيء، معتبراً أن السلطة الحالية في دمشق لا تحترم الشهادات والخبرات والأصول القانونية والأعراف الدولية، إضافة إلى تخريب دوائر الدولة والبنى التحتية، وفرض قيادات من غير المختصين، والفصل التعسفي الجماعي في كل الجهات.
وخلال استقباله وفوداً شعبية في دارة قنوات، أشار الشيخ الهجري إلى أن أبناء الجبل هم طلاب سلام، ولن يسمحوا لأحد بالاعتداء عليهم. كما شدد على تمسك أبناء الجبل بالثوابت الوطنية، مؤكداً أن الحفاظ على وحدة الأرض والشعب السوري هو الهدف الأساسي، وأن أي محاولات لإحداث خلافات داخلية لن تنجح.
وقال الهجري: “تعرضنا لكثير من القضايا، وهناك من يحاول تسليط الضوء علينا لإظهار خلافات بيننا، لكننا نقولها بوضوح: لن ينجحوا في إحداث أي شرخ، فالأمور واضحة، ونحن لسنا وحدنا في الساحة، نحن وكل الشرفاء والأحرار في سوريا نعمل من أجل البناء الصحيح”.
موقف متشدد من “الإعلان الدستوري”
وصف الهجري الإعلان الدستوري الذي أصدرته السلطة في دمشق بأنه “غير منطقي”، معتبراً أنه صدر عن لجنة كانت من نفس اللون الواحد كسابقاتها، وكان هذا الإعلان ملثّماً أيضاً، يسلّم البلاد كلها لشخص واحد بصلاحيات مطلقة تؤسّس لسلطة استبدادية جديدة.
وأوضح الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا أن الإعلان الدستوري يؤسس لسلطة استبدادية جديدة، مطالباً بالعمل الجاد والسليم وعبر خطة واضحة لتنظيم إعلان دستوري سليم أصولاً وقانوناً يؤسس لنظام ديمقراطي تشاركي من جهات مختصة وطنية من خيرة الأبناء.
إدانة المجازر في الساحل السوري
أعرب الشيخ الهجري عن بالغ حزنه حيال ما حصل من مجازر في الساحل السوري، واصفاً قتل الأبرياء بأنه بشاعة تترية أعادت إلى الأذهان جرائم داعش، وخالفت الشرعية الدولية والمبادئ الدينية والأخلاقية، متهماً سلطة دمشق بأنها هي المسؤولة عن تصرفات من قاموا بالمجازر.
وعزت مصادر محلية في السويداء موقف الشيخ الهجري من الحكومة الحالية في دمشق إلى الانتهاكات التي حصلت بحق أبناء الطائفة العلوية في الساحل السوري، حيث قُتل المئات منهم برصاص فصائل دخلت المنطقة برفقة قوات الأمن العام والجيش.
وقد سبق للشيخ الهجري أن أدان بشدة هذا السلوك، وانتقد السلطة الإسلامية الحاكمة في دمشق، محمّلاً إياها المسؤولية عن هذه التجاوزات والانتهاكات.
موقف صريح ضد السلطات في دمشق
خلال لقاء محلي في السويداء، قال الهجري: “لا وفاق ولا توافق مع السلطات في دمشق”، مشدداً في حديثه أمام عدد من الوجهاء والمشايخ في المحافظة على أن “حكومة دمشق متطرفة إرهابية وهي مطلوبة للعدالة الدولية وأي تساهل مع هذا الأمر نحن لا نقبله كسوريين”، وأنه “سيذهب باتجاه ما هو مناسب للطائفة”.
تباين الرؤى حول إدارة شؤون السويداء
شهدت العلاقة بين الشيخ حكمت الهجري والحكومة السورية الجديدة حالة من الشد والجذب، نتيجة تباين الرؤى حول إدارة شؤون محافظة السويداء، حيث طرح الهجري مطالب ترتكز على إنشاء نظام حكم قائم على اللامركزية وفصل السلطات، معتبراً أن هذه الخطوة ضرورية لمنع تقسيم البلاد والوصول إلى دولة مدنية تعكس تطلعات أبناء المحافظة.
وعلى مدى الفترة الماضية، عُقدت عدة لقاءات بين ممثلين عن الحكومة ووجهاء السويداء في محاولة للتوصل إلى تفاهمات مشتركة، إلا أنها لم تسفر عن نتائج ملموسة، وبرزت خلافات جوهرية حالت من دون التوصل إلى اتفاق، أبرزها مسألة الفصائل المحلية المسلحة ومستقبل عناصرها، إضافة إلى رفض إدخال قوات الجيش والأمن العام من خارج أبناء المحافظة، والمطالبة بمنح صلاحيات واسعة للإدارة المحلية.
دعوة لصياغة إعلان دستوري مختلف
طالب الهجري بالعمل الجاد والسليم وعبر خطة واضحة لتنظيم إعلان دستوري سليم أصولاً وقانوناً يؤسس لنظام ديمقراطي تشاركي من جهات مختصة وطنية من خيرة الأبناء، مشدداً على ضرورة مشاركة كل أطياف الوطن، عبر لجان تشمل كل المحافظات، لتتم إعادة صياغة إعلان دستوري يأخذ بالخصوصية التاريخية والثقافية لكامل البلاد واحترام حقوق الإنسان، وضمان المشاركة الفعالة للمواطنين في صنع القرار بدولة ديمقراطية.
وانتقد ما يسمى “المؤتمر الوطني” الذي أجرته سلطة دمشق مشيراً إلى أن بناء الدولة يتطلب مؤتمراً شاملاً لممثلين عن كل أبناء الوطن، واصفاً مقرراته بأنها مخيبة للآمال.
مستقبل الأزمة
يمثل موقف الشيخ حكمت الهجري تحدياً صريحاً للسلطة الجديدة في دمشق، ويعكس حالة من عدم الثقة بين الطرفين، خاصة بعد الانتهاكات التي وقعت في الساحل السوري. ودعوة الهجري لإعادة صياغة الإعلان الدستوري تأتي في سياق مطالبته بنظام حكم ديمقراطي تشاركي يضمن حقوق جميع المكونات السورية.
كما تشير تصريحات الهجري إلى وجود مخاوف حقيقية من تكرار تجربة الحكم السابق في سوريا، مع تشديده على رفض “الاستبداد” و”سياسة اللون الواحد”. وفي ظل هذه المواقف المتباينة، يبدو أن العلاقة بين الشيخ الهجري والسلطات في دمشق ستشهد المزيد من التوتر في المرحلة المقبلة، خاصة مع إصرار الطرفين على مواقفهما.

