تقرير معهد V-Dem لعام 2024 حول حالة الديمقراطية في العالم
أصدر معهد V-Dem في جامعة جوتنبرج بالسويد تقريره الجديد حول حالة الديمقراطية في العالم لعام 2024، مشيرًا إلى التراجع المستمر في مستويات الديمقراطية في العديد من مناطق العالم. حسب التقرير، احتلت مصر المرتبة 133 بين 179 دولة في العالم، مما يعكس تدهورًا مستمرًا في الحالة الديمقراطية في البلاد خلال السنوات الأخيرة.
تراجع الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تراجعًا تدريجيًا ولكنه كبير في مستويات الديمقراطية. وفقًا للتقرير، عادت المنطقة إلى مستويات الديمقراطية التي كانت عليها في عام 1993 حسب المتوسطات القطرية، بينما تظل المنطقة متوازنة حول مستويات أوائل الثمانينيات وفقًا للمعدلات المرجحة حسب عدد السكان.
كان التراجع في مستويات الديمقراطية في هذه المنطقة مدفوعًا بشكل كبير بالأنظمة الاستبدادية في دول مثل لبنان، ليبيا، تونس، تركيا، واليمن. وتظل المنطقة واحدة من أقل المناطق في العالم من حيث مستويات الديمقراطية لأكثر من 15 عامًا. في تصنيف الدول العربية، جاءت الأردن في المرتبة الأولى عربياً والـ102 عالميًا، تليها الكويت (104)، تونس (106)، المغرب (106)، والعراق (111)، ثم سلطنة عمان (127)، ثم موريتانيا (128). أما مصر فقد احتلت المرتبة 133 على مستوى العالم، تليها الصومال (134)، فلسطين (138)، جيبوتي (136)، والجزائر (140)، ثم ليبيا (142).
أما بالنسبة لدول الخليج، فقد جاءت قطر في المرتبة 150، والإمارات العربية المتحدة في المرتبة 152، وسوريا في المرتبة 162، والبحرين 165، واليمن 170، والسودان 171.
تونس: من الديمقراطية إلى الاستبداد
كانت تونس مثالًا بارزًا على تحولات الربيع العربي، حيث ظلت ديمقراطية انتخابية طوال معظم العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك، في عام 2021، شرع الرئيس قيس سعيد في انقلاب ذاتي تحوّل سريعًا إلى الاستبداد، حيث حلّ البرلمان وأجل الانتخابات وأصدر دستورًا جديدًا، وبدأ بحكم المراسيم. تزايدت الهجمات على المجتمع المدني وحرية الإعلام، وتم اعتقال العديد من السياسيين المعارضين، مما أدى إلى انهيار الديمقراطية. وفي عامي 2022 و2023، أُجريت انتخابات برلمانية تلتها انتخابات رئاسية في عام 2024، ولكنها قوبلت بمقاطعة من معظم الأحزاب.
الديمقراطية الليبرالية: تراجع مستمر
يتناول التقرير أيضًا مؤشر الديمقراطية الليبرالية (LDI)، الذي يقيم الجودة الشاملة للديمقراطية في الدول بناءً على حقوق الأفراد والحريات المدنية واستقلال المؤسسات القضائية. يشير التقرير إلى أن الديمقراطيات الليبرالية أصبحت أقل أنواع الأنظمة شيوعًا في العالم، حيث سجلت تراجعًا مستمرًا منذ عام 2009. وفي عام 2024، وصل عدد الديمقراطيات الليبرالية في العالم إلى 29 دولة فقط، وهو أدنى مستوى منذ أكثر من 50 عامًا.
كما يشير التقرير إلى أن الديمقراطيات الليبرالية تشكل الآن أقل من 12% من سكان العالم، بينما يعيش حوالي 72% من السكان في دول تحت أنظمة استبدادية. ولا سيما في بيلاروسيا، التي انحدرت إلى نظام استبدادي مغلق، لتصبح أول دولة استبدادية مغلقة في أوروبا منذ 25 عامًا.
الأنظمة الاستبدادية: تزايد في انتشارها
أظهر التقرير أيضًا أن الأنظمة الاستبدادية أصبحت سائدة بشكل متزايد. على الرغم من أن عدد الديمقراطيات الانتخابية في العالم قد ارتفع تدريجيًا، إلا أن العديد من الدول التي كانت تُعرف سابقًا بالديمقراطيات الليبرالية قد شهدت تراجعًا وفقدت بعض سماتها الليبرالية. كما شهدت بعض الدول في منطقة أوروبا الشرقية، مثل بيلاروسيا وروسيا، تراجعًا كبيرًا منذ التسعينيات وتحولًا إلى أنظمة استبدادية أكثر تصلبًا.
المنطقة الرمادية: دول على الحافة بين الديمقراطية والاستبداد
تطرق التقرير إلى تصنيف بعض الدول في “المنطقة الرمادية”، وهي الدول التي تقع على الخط الفاصل بين الديمقراطيات الانتخابية والأنظمة الاستبدادية. وتشمل هذه المنطقة دولًا مثل ألبانيا وكينيا والمكسيك ونيجيريا، التي قد تنزلق إلى الأنظمة الاستبدادية إذا استمر التراجع الديمقراطي.
مستقبل الديمقراطية في العالم
في الختام، يشير معهد V-Dem إلى أن عام 2024 شهد تراجعًا ملحوظًا في مستويات الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم. على الرغم من الأمل الذي لا يزال قائمًا في بعض الدول التي بدأت في التحول نحو الديمقراطية، فإن التوجه العام يشير إلى مزيد من الاستبداد والتراجع في الحريات السياسية والحقوق المدنية في العديد من المناطق. يُظهر التقرير أن الديمقراطية في العالم تتجه نحو أدنى مستوياتها منذ أكثر من 50 عامًا، مما يستدعي القلق بشأن مستقبل الحريات والتعددية السياسية على الصعيد العالمي.
