تصاعد التوترات في جنوب السودان: اتهامات بالخيانة وأعمال عنف في الناصر
في تطور جديد يفاقم التوترات الأمنية في جنوب السودان، اتهم رئيس أركان قوات دفاع شعب جنوب السودان (SSPDF)، الفريق أول بول نانق، نائبه الفريق أول دوب لام بتدبير أعمال العنف التي أسفرت عن سيطرة الجيش الأبيض على بلدة الناصر الحدودية في ولاية أعالي النيل، والتي تشهد اضطرابات منذ بداية العام.
تصاعد العنف في الناصر
تعد بلدة الناصر نقطة توتر مستمر في جنوب السودان، حيث تشهد منذ منتصف فبراير اشتباكات متقطعة بين قوات SSPDF وميليشيا الجيش الأبيض، التي تقول الحكومة إنها مرتبطة بالحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة (SPLA-IO) التي يتزعمها الدكتور رياك مشار. وفي 4 مارس 2024، تصاعدت حدة الاشتباكات عندما استولت ميليشيا الجيش الأبيض على الحامية العسكرية في الناصر، مما أجبر القوات الحكومية على الانسحاب.
هذه التطورات أثارت القلق بشأن مستقبل استقرار المنطقة، خاصة في ظل تصاعد العنف والتهديدات الأمنية المستمرة.
اتهامات الخيانة والتواطؤ
في خطوة وصفها البعض بأنها ستكون لها تداعيات خطيرة على العلاقة بين القيادات العسكرية في جنوب السودان، وجه الفريق أول بول نانق اتهامات مباشرة إلى نائبه الفريق أول دوب لام، الذي ينتمي إلى SPLA-IO ويشغل منصب نائب رئيس أركان قوات الدفاع للعمليات.
ووفقًا لما ذكره نانق في تصريحات أدلى بها خلال مراسم تشييع الفريق أول مجور داك في جوبا يوم الثلاثاء 19 مارس 2025، فإن الفريق أول دوب لام كان يقف وراء الهجوم على الناصر، حيث كان قد أصدر الأوامر لمهاجمة البلدة. وأضاف نانق أن نائبه كان في منصب القائم بأعمال رئيس الأركان بالإنابة أثناء غيابه في مؤتمر رؤساء أركان الدفاع في شرق إفريقيا، حيث أصدر أوامر مباشرة إلى كبار الضباط مثل الفريق أول جونسون أولونج والفريق أول كوانق شول.
ووصف الفريق أول نانق هذه الأفعال بأنها “ازدواجية في المعايير”، واعتبرها دليلاً على التواطؤ من قبل نائب رئيس الأركان.
ردود فعل متفاوتة
إلا أن هناك من رفض هذه الاتهامات، حيث قال جنرال رفيع في SSPDF (تم حجب اسمه) إن الاتهامات التي وجهها نانق إلى نائبه هي “محاولة لتأجيج الصراع”، مؤكداً أن بول نانق نفسه هو من أصدر الأوامر بشن الهجوم على الناصر. وأضاف الجنرال أن نائب رئيس الأركان لا يمكنه تنفيذ أي أوامر دون تلقيها مباشرة من قائده الأعلى.
الاعتقالات في صفوف المعارضة
في سياق متصل، شن جهاز الأمن الوطني في جنوب السودان (NSS) حملة اعتقالات استهدفت كبار المسؤولين في الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة (SPLM/A-IO)، حيث تم اعتقال عدد من الشخصيات البارزة في الحركة، بما في ذلك وزير البترول الوطني فوت كانق، إضافة إلى الفريق أول دوب لام، الذي يشغل أيضًا منصب رئيس هيئة الأركان العامة للحركة.
وزير الدفاع يحذر من عواقب التصعيد
من جهته، حمل وزير الدفاع الفريق أول شول طون، الذي لم يتردد في توجيه اللوم إلى اتفاقية السلام المنشطة لعام 2018 (R-ARCSS)، مسؤولية استمرار العنف في البلاد. كما استنكر تصريحات سابقة للرئيس سلفا كير، الذي اعتبر الاتفاقية غير قابلة للتنفيذ بسبب طبيعة بنودها.
وفي تطور آخر، أصدر الفريق أول طون تحذيرًا شديد اللهجة للجيش الأبيض، مطالبًا إياهم بمغادرة الناصر فورًا، مشددًا على أن “حربنا ليست ضد مجتمع النوير، بل ضد الجيش الأبيض الذي وصفه بجماعة إرهابية”. وأوضح طون أنه إذا فشلت الحركة الشعبية في تحرير الجيش الأبيض، فإن القوات الحكومية ستقاتلهم. وحذر من أن رفض الجيش الأبيض إلقاء السلاح قد يؤدي إلى “عواقب غير مقصودة”.