مقترحات ليبية لتقسيم البلاد إلى محافظات على أسس لامركزية
شهدت ليبيا مؤخراً عدة مقترحات لتقسيم البلاد إلى محافظات وفق نظام إداري لامركزي، في محاولة لإعادة بناء الدولة وتجاوز حالة الانقسام السياسي المستمرة منذ سنوات. وتتنوع هذه المقترحات بين مبادرات سياسية وقرارات حكومية تهدف إلى تعزيز الحكم المحلي ومنح المناطق صلاحيات أوسع.
مبادرة النائب بالمجلس الرئاسي
أعلن نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، عبد الله اللافي، في مطلع مارس 2025، عن إطلاق مبادرة سياسية بعنوان “مبادرة الحل السياسي: الحوافز والضمانات” بالتعاون مع عدة شركاء سياسيين.
وأوضح اللافي عبر صفحته على فيسبوك أن المبادرة لا تتضمن أي مقترح لتقسيم البلاد إلى ثلاثة أقاليم، بل تركز على وضع آلية لانتخاب المجلس الرئاسي مباشرة من قبل الشعب.
وفيما يتعلق بالحكم المحلي، تقترح المبادرة تقسيم البلاد إلى ثلاثة عشر محافظة على أساس الدوائر الانتخابية أو حسبما يتم الاتفاق عليه لاحقاً، مع توزيع الميزانية بالتساوي بين هذه المحافظات، وإدارتها وفق نظام لامركزي يمنحها صلاحيات إدارية ومالية كاملة.
قرار حكومة الوحدة الوطنية
من جانبها، أصدرت حكومة الوحدة الوطنية الليبية قراراً بتقسيم البلاد إلى 18 محافظة، تحكمها مجالس من رؤساء البلديات من نفس نطاق المناطق، وتعمل تحت سلطة رئيس الوزراء والإشراف المباشر لوزير الحكم المحلي.
ووفقاً للقرار، فإن المحافظات هي: الساحل الشرقي، الجبل الأخضر، الحزام، بنغازي، الواحات، الكفرة، الخليج، المرقب، طرابلس، الجفارة، الزاوية، الساحل الغربي، غريان، الزنتان، نالوت، سبها، الوادي، وحوض مرزق.
وتضم كل محافظة مديريات للأمن، الصحة، التعليم، النقل، الخدمة المدنية، العمل والتأهيل، الشباب، الثروة البحرية، الزراعة، الثروة الحيوانية، الرياضة، والشؤون الاجتماعية.
الانتخابات البلدية ودعم اللامركزية
تزامنت هذه المقترحات مع استعدادات ليبيا للانتخابات البلدية المقررة في عام 2025، حيث عقد رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، عماد السايح، اجتماعاً في طرابلس مع السفير الفرنسي لدى ليبيا، مصطفى مهراج، لمناقشة استعدادات المفوضية لهذه الانتخابات.
وتعتبر الانتخابات البلدية لعام 2025 لحظة محورية لمستقبل ليبيا السياسي، حيث ينظر إليها المراقبون الدوليون كطريقة لوضع أساس للانتخابات الوطنية المستقبلية، وتعزيز المشاركة السياسية الأوسع.
مشاريع دولية لدعم اللامركزية
تحظى جهود اللامركزية في ليبيا بدعم دولي من خلال مشاريع مختلفة، منها مشروع “تعزيز اللامركزية في ليبيا” الممول من وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية والاتحاد الأوروبي، والذي يستمر من 2024 إلى 2026.
يهدف المشروع إلى تقديم المشورة لوزارة الحكم المحلي الليبية بشأن إنشاء الظروف الفنية والمالية والتنظيمية التي تدعم بناء الدولة اللامركزية والبلديات. ويمكّن المشروع 30 مجتمعاً شريكاً في جميع أنحاء ليبيا من الوفاء بمسؤولياتها بفعالية واقتصادية.
كما يدعم المشروع معهد التدريب الوطني، الذي يوسع خبرة صناع القرار من الإدارات المحلية، بالإضافة إلى تطوير نماذج لتمويل الخدمات العامة بالتعاون مع البلديات الشريكة.
خلفية تاريخية للتقسيمات الإدارية في ليبيا
تاريخياً، شهدت التقسيمات الإدارية في ليبيا تغييرات كبيرة على مدى القرنين الماضيين، بدءاً من فترة الحكم العثماني والإيطالي حيث كانت البلاد مقسمة إلى ثلاث إلى أربع مقاطعات، ثم إلى ثلاث محافظات، وبعد الحرب العالمية الثانية إلى 25 منطقة (بلدية).
وبعد الاستقلال، قُسمت ليبيا إلى ثلاث محافظات، تطابق المقاطعات الثلاث السابقة، ولكن في عام 1963 تم تقسيمها إلى عشر محافظات.