وزير الخارجية التركي: تركيا لا تريد مواجهة مع إسرائيل في سوريا بعد تصاعد التوتر إثر الغارات الإسرائيلية
كشفت تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن موقف أنقرة الحذر تجاه التطورات المتسارعة في سوريا، مؤكداً أن بلاده لا ترغب في الدخول بمواجهة مع إسرائيل رغم انتقادها للغارات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت مواقع عسكرية سورية. جاءت هذه التصريحات في وقت حرج بعد أن شنت إسرائيل سلسلة غارات عنيفة استهدفت خمس مناطق مختلفة داخل الأراضي السورية، مما تسبب في تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وقوّض قدرة الحكومة السورية الجديدة على مواجهة التهديدات الأمنية، مع تحذيرات إسرائيلية مباشرة للإدارة السورية والقوى الإقليمية الداعمة لها.
تصريحات وزير الخارجية التركي ورسائلها السياسية
صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يوم الجمعة أن تركيا لا تريد أي مواجهة مع إسرائيل في سوريا، وذلك بعد أن قوضت الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مواقع عسكرية هناك قدرة الحكومة السورية الجديدة على ردع التهديدات. جاءت هذه التصريحات خلال مقابلة أجراها فيدان على هامش اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي في بروكسل، حيث أشار إلى أن تصرفات إسرائيل في سوريا تمهد الطريق لعدم استقرار إقليمي في المستقبل.
وأوضح فيدان موقف تركيا من العلاقات السورية-الإسرائيلية قائلاً إنه إذا كانت الإدارة الجديدة في دمشق، والتي تعد حليفاً وثيقاً لتركيا، ترغب في التوصل إلى “تفاهمات معينة” مع إسرائيل، فهذا شأنها الخاص. هذا التصريح يعكس نهجاً براغماتياً للسياسة التركية تجاه الأزمة السورية، مع الحفاظ على مساحة للمناورة الدبلوماسية ودعم الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع مع تجنب المواجهة المباشرة مع إسرائيل.
يأتي هذا الموقف التركي الحذر في سياق توتر متصاعد بين تركيا وإسرائيل، حيث وجهت أنقرة انتقادات حادة لإسرائيل بسبب هجماتها المستمرة على غزة منذ عام 2023، واصفةً إياها بأنها تصل إلى حد الإبادة الجماعية للفلسطينيين. كما تقدمت تركيا بطلب للانضمام إلى دعوى مرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية وأوقفت جميع أشكال التجارة معها.
موقف الإدارة التركية من الصراع الإقليمي
تعد تصريحات وزير الخارجية التركي مؤشراً على رغبة أنقرة في الحفاظ على التوازن الاستراتيجي في المنطقة، خاصة مع امتداد العداء بين تركيا وإسرائيل إلى الساحة السورية. فرغم انتقادها الشديد للسياسات الإسرائيلية، تتجنب تركيا الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل في سوريا، مفضلة الخيارات الدبلوماسية والسياسية.
وفي إشارة إلى موقف تركيا من التدخلات الإقليمية الأخرى، رد فيدان على سؤال بشأن تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن ضربات عسكرية على إيران، مؤكداً أن الدبلوماسية ضرورية لحل النزاع وأن أنقرة لا تريد رؤية أي هجوم على جارتها إيران. هذا الموقف يعكس سياسة تركية تميل للحلول الدبلوماسية وتجنب التصعيد العسكري الإقليمي.
الغارات الإسرائيلية وتداعياتها على الوضع السوري
كثفت إسرائيل الغارات الجوية على سوريا ليل الأربعاء-الخميس، وأعلنت أن الهجمات هي تحذير للسلطات الجديدة في دمشق، كما اتهمت أنقرة بمحاولة فرض وصايتها على سوريا. استهدفت الغارات الإسرائيلية خمس مناطق مختلفة في أنحاء سوريا، وأدت إلى تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة العشرات، وفقاً لبيان وزارة الخارجية السورية.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن الغارات الجوية التي وقعت مساء الأربعاء “رسالة واضحة وتحذير للمستقبل، لن نسمح بالمساس بأمن دولة إسرائيل”. وذكر كاتس في بيان أن القوات المسلحة الإسرائيلية ستبقى في المناطق العازلة داخل سوريا، وستتحرك ضد التهديدات لأمنها، محذراً الحكومة السورية من أنها ستدفع ثمناً باهظاً إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بالدخول.
العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب سوريا
صرح الناطق باسم الجيش الإسرائيلي العميد إيفي ديفرين أن القوات الإسرائيلية عملت في جنوب سوريا وصادرت أسلحة ودمرتها لمنع ما وصفها بـ”القوات المعادية” من ترسيخ وجودها. هذه العمليات أثارت ردود فعل غاضبة في الشارع السوري، خاصة بعد المواجهات التي حصلت في درعا بين الجيش الإسرائيلي المتوغل في أراضي المحافظة وشبان من أبنائها، مما أعاد إلى الأذهان شكلاً من أشكال اللحمة الوطنية بين السوريين.
وفي تطور لافت، كشف مسؤول إسرائيلي لصحيفة “جيروزالم بوست” أن الغارات الجوية الأخيرة التي استهدفت مواقع داخل سوريا كانت تهدف إلى “إيصال رسالة مباشرة إلى تركيا”. وهو ما يشير إلى أن إسرائيل تنظر بقلق إلى الدعم التركي للإدارة السورية الجديدة وتحاول الضغط على أنقرة للحد من نفوذها في سوريا.
الموقف السوري وتداعيات التصعيد الإسرائيلي
أصدرت وزارة الخارجية السورية ليل الأربعاء-الخميس بياناً بشأن الغارات الإسرائيلية، مؤكدة حدوث تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة العشرات. ويواجه الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، الذي تعتبره تركيا حليفاً وثيقاً، تحدياً كبيراً في التعامل مع التصعيد الإسرائيلي مع بداية فترة رئاسته، مما يضعف قدرة إدارته على تثبيت الاستقرار في البلاد.
تشير المعلومات المتاحة إلى أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة قوضت قدرة الحكومة السورية الجديدة على ردع التهديدات الأمنية، مما يضع سوريا في موقف صعب يتطلب دعماً إقليمياً ودولياً لمواجهة التحديات الأمنية.
التنافس الإقليمي على النفوذ في سوريا
تكشف التطورات الأخيرة حجم التنافس الإقليمي على النفوذ في سوريا، حيث تسعى تركيا إلى تعزيز علاقاتها مع الإدارة السورية الجديدة، بينما تحاول إسرائيل الحفاظ على مصالحها الأمنية من خلال استمرار ضرباتها العسكرية ووجودها في المناطق الحدودية. هذا التنافس يزيد من تعقيد المشهد السوري ويصعب من فرص تحقيق الاستقرار في المدى القريب.
نفت وزارة الدفاع التركية الأنباء التي تحدثت عن نشر قوات تركية في سوريا، مؤكدة أنه لا يجب أن تؤخذ على محمل الجد إلا التصريحات الصادرة عن الجهات الرسمية التركية بشأن “التطورات التي تحدث أو يزعم أنها تحدث في سوريا”. هذا النفي يأتي في ظل تقارير إعلامية تحدثت عن تعزيز الوجود العسكري التركي في شمال سوريا.
الآفاق المستقبلية للعلاقات التركية-الإسرائيلية والوضع السوري
في ظل التوترات المتصاعدة، تبدو آفاق العلاقات التركية-الإسرائيلية غير مشجعة، مع استمرار الانتقادات التركية لسياسات إسرائيل في غزة وسوريا. ومع ذلك، فإن تصريحات وزير الخارجية التركي التي تؤكد عدم رغبة أنقرة في مواجهة مع إسرائيل في سوريا تشير إلى وجود هامش للمناورة الدبلوماسية وتجنب التصعيد العسكري المباشر.










