انخفاض الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى في 6 أشهر مع تصاعد الحرب التجارية وتشديد قيود تصدير الرقائق إلى الصين
واجه الدولار الأمريكي تراجعاً حاداً يوم الأربعاء 16 أبريل 2025، حيث انخفض إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر مقابل عملات مجموعة العشرين الرئيسية، متأثراً بتصاعد المخاوف من توسع نطاق الحرب التجارية العالمية بعد قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب فرض قيود جديدة على صادرات شركة “إنفيديا” من الرقائق الإلكترونية إلى الصين. وسجل مؤشر بلومبرج للدولار تراجعاً بنسبة 0.6% خلال التداولات، ليصل إلى مستوى 100.8 نقطة، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر 2024
تفاصيل القيود التكنولوجية وتأثيرها المباشر على الأسواق
شملت الإجراءات الأمريكية الجديدة حظر تصدير شريحة “إنفيديا إتش 20” المصممة خصيصاً للسوق الصينية، والتي تُستخدم في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وتقدر الخسائر المبدئية للشركة بنحو 5.5 مليار دولار بسبب هذه القيود، وفقاً لإفصاحاتها الرسمية. يأتي هذا القرار في إطار استراتيجية إدارة ترامب لاحتواء التقدم التكنولوجي الصيني، حيث صرح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت بأن “هذه الخطوة ضرورية لمنع الاستخدام المزدوج للتكنولوجيا في التطبيقات العسكرية”.
تحولات كبرى في أسواق العملات والأصول الآمنة
أدت هذه التطورات إلى تحولات جذرية في تفضيلات المستثمرين، حيث ارتفع الفرنك السويسري بنسبة 1% والين الياباني بنسبة 0.95%، بينما قفز اليورو 1% ليصل إلى 1.1346 دولار. وفي مؤشر واضح على تراجع الثقة بالأصول الأمريكية، شهدت سندات الخزانة الأمريكية أسوأ موجة بيع منذ عام 2003، مع انخفاض العائد على السندات العشرية بنسبة 2.4%. وعلق رودريغو كاتريل من بنك أستراليا الوطني: “أصبحت الأصول الأوروبية واليابانية ملاذاً جديداً للمستثمرين الهاربين من المخاطر الأمريكية”.
سياق اقتصادي أوسع وتداعيات عالمية
يأتي هذا التصعيد في إطار حرب تجارية متعددة الجبهات، حيث فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 10% على واردات من 180 دولة في أبريل الماضي. وتشير بيانات معهد إدارة التوريدات إلى تباطؤ قطاع الخدمات الأمريكي إلى أدنى مستوى في 9 أشهر. من جهة أخرى، تأثرت الشركات متعددة الجنسيات بشكل لافت، حيث تتوقع شركة “تويوتا” خسائر بقيمة 1.2 مليار دولار بسبب تقلبات العملة، بينما حذر بنك “يو بي إس” من تأثيرات سلبية على أرباح شركات السلع الفاخرة الأوروبية.
مستقبل السياسة النقدية وتوقعات الأسواق
زادت التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية إلى 62.7% لاجتماع يونيو المقبل، بعد أن أظهرت بيانات التضخم انخفاضاً إلى 2.4% في مارس. وقالت المحللة مارغريت ماكليود من “هاريس تويد”: “الوضع الحالي يذكرنا بأزمة 2008، حيث فقد الدولار مكانته كملاذ آمن مطلق”. في المقابل، ارتفع الذهب إلى مستوى قياسي جديد عند 2450 دولار للأونصة، مدعوماً بموجة الشراء الهروب من العملة الأمريكية.
الخلفية التاريخية واستراتيجيات المواجهة
تشكل هذه الإجراءات استمراراً لسياسة الضغط التكنولوجي التي بدأت في 2022 بقيود على تصدير الرقائق المتقدمة. ومن المقرر أن تعقد جولة جديدة من المفاوضات الأمريكية الصينية في روما نهاية الأسبوع، حيث من المتوقع أن تطرح بكين شكوى رسمية لدى منظمة التجارة العالمية. في غضون ذلك، تعمل الصين على تسريع برنامجها الوطني لتصنيع الرقاقات، حيث خصصت 150 مليار دولار لدعم الصناعة المحلية خلال العام الجاري.










