كشف تفاصيل عملية تهريب أموال وممتلكات الأسد قبل فراره في 8 ديسمبر
في تحقيقات استقصائية غير مسبوقة، كشفت وكالة رويترز النقاب عن تفاصيل دقيقة لعملية تهريب قام بها النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد، نقل خلالها أموالاً طائلة وممتلكات ثمينة ووثائق سرية خارج البلاد عبر طائرة خاصة، وذلك قبل أيام من سقوط النظام في ديسمبر 2024
العمليات اللوجستية: أربع رحلات جوية في 48 ساعة
تشير سجلات تتبع الرحلات الجوية إلى أن طائرة من طراز إمبراير ليجاسي 600 (مسجلة في غامبيا برقم C5-SKY) قامت بأربع رحلات متتالية بين سوريا والإمارات خلال 48 ساعة حرجة. وقد استُخدم مطار البطين في أبوظبي – المعروف بمعايير الخصوصية العالية – كوجهة رئيسية لهذه العمليات.
وفقاً لشهود عيان من موظفي مطار دمشق، تمت تعبئة الطائرة بحقائب سوداء غير مميزة تحتوي على ما لا يقل عن 500 ألف دولار نقداً لكل رحلة، بالإضافة إلى أجهزة كمبيوتر محمولة ومحركات أقراص صلبة تحوي بيانات حساسة تتعلق بشبكة الأعمال السرية للأسد
يسار إبراهيم: العقل المدبر للعملية
تكشف الوثائق أن المستشار الاقتصادي للأسد يسار إبراهيم – الذي تخضع أصوله لعقوبات دولية منذ 2011 – قام بتنسيق العملية بالكامل. وقد تولّى إبراهيم، بصفته مدير المكتب المالي للرئاسة، ترتيب استئجار الطائرة وتأمين المرور الآمن عبر المطارات السورية.
تشير محادثات واتساب مسربة بين مساعدي إبراهيم إلى تورط شبكة معقدة من الشركات الوهمية المنتشرة عبر ثلاث قارات، تم استخدامها لإضفاء الشرعية على عمليات التحويلات المالية الدولية.
التنسيق الأمني: دور المخابرات الجوية والحرس الجمهوري
وفقاً لشهادة ضابط سابق في المخابرات الجوية، تم تكليف وحدة خاصة من الحرس الجمهوري بحراسة القاعة الملكية في مطار دمشق خلال عمليات التحميل. كما تم استخدام سيارات مدنية ذات نوافذ معتمة تابعة للحرس لنقل البضائع من القصر الرئاسي إلى المطار.
أكد العميد غدير علي (رئيس أمن المطار) في تصريحات داخلية أن العملية تتم بتوجيه مباشر من القصر الرئاسي، مع إعفاء الطائرة من كافة إجراءات التفتيش الجمركية.
الوجهة النهائية: شبكة آمنة في الإمارات وروسيا
تكشف صور الأقمار الصناعية وبيانات تتبع الطيران أن الرحلة الرابعة والأخيرة انطلقت من قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية يوم 8 ديسمبر، نفس اليوم الذي فرّ فيه الأسد إلى روسيا. وقد حملت هذه الرحلة وثائق سرية خاصة بالعلاقات العسكرية السورية-الإيرانية، حسبما أفاد مصدر في شبكة أعمال الأسد
تشير تحليلات خبراء الاقتصاد إلى أن الأموال المهربة تم استثمارها عبر شركات إماراتية وهمية متخصصة في تجارة المعادن النفيسة، قبل إعادة تدويرها في أسواق العقارات الفاخرة بدبي.
ردود الفعل الدولية: تحقيقات مستمرة وعقوبات مرتقبة
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن تشكيل فريق عمل خاص لتتبع الأصول المهربة، مع التأكيد على أن هذه العمليات “تشكل انتهاكاً صارخاً لقرارات مجلس الأمن رقم 2254”. من جهتها، تعهدت السلطات الإماراتية بالتعاون مع التحقيقات الدولية، رغم عدم إصدار أي بيان رسمي حتى الآن.
في سياق متصل، أشارت مصادر دبلوماسية أوروبية إلى احتمال فرض عقوبات جديدة على كيانات إماراتية متورطة في غسل الأموال السورية، مع تنامي الضغوط البرلمانية في الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
تداعيات اقتصادية: تأثيرات طويلة الأمد على إعادة الإعمار
يحذر خبراء من أن تهريب هذه الأموال – التي يقدرها بعض الاقتصاديين بأكثر من 20 مليار دولار – سيحرم الخزينة السورية المستقبلية من موارد حيوية لإعادة الإعمار. ويشير تقرير صادر عن البنك الدولي إلى أن استعادة هذه الأصول قد تستغرق أكثر من عقد من الزمن عبر القنوات القضائية الدولية.










