القصة الكاملة لتعذيب وقتل كلب هاسكي في طنطا.. الأسباب والتداعيات
اجتاحت حالة من الغضب والاستياء منصات التواصل الاجتماعي في مصر خلال اليومين الماضيين، بعد انتشار مقطع فيديو مؤلم يوثق تعذيب وقتل كلب من فصيلة الهاسكي في قرية محلة مرحوم التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية. الفيديو الذي أظهر الكلب مقيداً في حالة إعياء شديدة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، أثار جدلاً واسعاً حول طرق التعامل مع الحيوانات الضالة وحدود المسؤولية الأخلاقية والقانونية في مثل هذه الحالات.
بداية الأزمة: كلب هاسكي وعدة أطفال مصابين
بدأت تفاصيل الواقعة قبل نحو خمسة أيام، عندما ظهر كلب من فصيلة الهاسكي في شوارع قرية محلة مرحوم. وفقاً لشهادات الأهالي، هاجم الكلب خلال تلك الفترة عدة أطفال، ما أسفر عن إصابتهم بجروح متفاوتة في مناطق مختلفة من أجسادهم.
يروي هشام مرعي، أحد أهالي القرية ووالد إحدى ضحايا عقر الكلب: “إن الكلب ظهر في شوارع القرية قبل نحو خمسة أيام، وهاجم خلال تلك الفترة أكثر من طفل، من بينهم ابنتي الصغيرة التي أصيبت بجروح في ذراعيها وتلقت العلاج اللازم والمصل في الوحدة الصحية بالقرية”.
ويضيف الأب أنه قبل يومين، وأثناء وقوف ابنته بجانبه أمام المنزل، فوجئ بالكلب يهاجم طفلًا آخر في الشارع، وعندما تدخل لإنقاذ الطفل، هاجم الكلب ابنته مرة أخرى وعقرها في ذراعيها، مشيرًا إلى أنه توجه بها إلى الوحدة الصحية، ليفاجأ بوجود حالات أخرى مصابة من نفس الكلب الهاسكي.
التعامل مع المشكلة: الطب البيطري ومحاولة السيطرة
نتيجة لتكرار حوادث العقر، توجه أهالي القرية إلى الدكتور حمدي حجاج، مدير الطب البيطري بطنطا، كونه من أبناء القرية، وناشدوه التدخل السريع لضبط الكلب وحماية أطفالهم. بناءً على هذه الاستغاثة، قامت حملة من الطب البيطري بالبحث عن الكلب في شوارع القرية لمدة يومين.
وفقاً لرواية الطبيب البيطري، تم تشكيل فريق طبي والتوجه إلى القرية للبحث عن الكلب وتوعية الأهالي بكيفية التعامل مع الحيوانات. وأوضح أنه في اليوم الثاني للبحث، تمكن الأهالي من العثور على الكلب والتعدي عليه بالضرب وربطه.
يستكمل والد الضحية روايته قائلًا: “أهالي القرية كانوا خائفين على أطفالهم بشدة، وحالة الرعب التي تسبب فيها الكلب كانت منتشرة بين الجميع، لذلك، قاموا بضربه بالعصي والشوم حتى وصل إلى حالة سكون، وقاموا بربطه لحين وصول الطب البيطري”.
اللحظات الأخيرة: روايات متناقضة حول كيفية الوفاة
الجزء الأكثر إثارة للجدل في القضية يتعلق بكيفية وفاة الكلب. في مشهد وصفه متابعون بـ”الصادم وغير الإنساني”، استعان بعض السكان بالطبيب البيطري، الذي قام بحقن الكلب بحقنة يُعتقد أنها أدت إلى وفاته على الفور.
تتضارب الروايات حول طبيعة هذه الحقنة ودوافعها:
- رواية الطبيب البيطري: يؤكد الدكتور حمدي حجاج أن الأهالي طلبوا منه إعطاء الكلب حقنة مسكنة لتخفيف آلامه جراء الضرب، ولم يكن يقصد قتل الكلب. ينفي الطبيب مسؤوليته عن وفاة الكلب، مؤكدًا أن دوره كان توعوياً ولم يتدخل في ضرب الكلب أو حقنه بهدف قتله.
- رواية بعض النشطاء: انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي اتهامات للطبيب بأنه أعطى الكلب “حقنة هواء”، وهي طريقة غير قانونية وغير إنسانية تستخدم أحياناً لإنهاء حياة الحيوانات عن طريق إحداث انسداد هوائي في الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى توقف القلب.
- رواية الأهالي: يؤكد أمين أحمد، أحد شهود العيان من أهل القرية: “أهالي القرية طلبوا من الطبيب إعطاء الكلب حقنة مسكنة بسبب ما تعرض له من إصابات لكن الكلب فارق الحياة بعد فترة وجيزة من إعطائه الحقنة”.
ردود الفعل الواسعة وتداعيات الحادثة
أثار الفيديو المتداول موجة غضب عارمة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث استنكر نشطاء حقوق الحيوان والمواطنون العاديون الطريقة التي عُومل بها الكلب. كتبت الفنانة هنا الزاهد عبر حسابها الرسمي على “انستغرام”: “لا يمكن أن نبرر هذه الوحشية! الكلب كائن حي يشعر بالألم، وكان يجب التعامل معه بطريقة إنسانية”.
كما تفاعل الشاعر جمال بخيت مع الحادثة بقصيدة انتشرت بشكل واسع، جاء فيها:
“لو ليك حاجة عند الكلب
قول له يا كلب
مافيهاش حاجة
دا حتى الكلب ممكن يزعل
لو شبهته.. بالإنسان
عمرك شوفت الكلب بيسرق
مع إنه دفيان شبعان”
من جانبها، أعلنت جمعية لرعاية الحيوانات بطنطا عن نيتها رفع دعوى قضائية ضد الطبيب البيطري وعدد من الأهالي المتورطين، مؤكدة أن القانون المصري (القانون رقم 29 لسنة 1982 بشأن حماية الحيوانات) يُجرّم التعذيب أو قتل الحيوانات بطرق غير مشروعة.
الإجراءات الرسمية والتحقيقات
في ضوء تصاعد حالة الغضب الشعبي، بدأت الأجهزة الأمنية تحقيقاتها في تفاصيل الواقعة. وتسعى السلطات لتحديد هوية المتورطين في الحادثة، بالإضافة إلى استدعاء الطبيب البيطري الذي قام بحقن الكلب لسماع أقواله حول ملابسات الواقعة.
نفى مصدر مسؤول ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن القبض على الدكتور حمدي حجاج، مطالباً بتحري الدقة فيما يتم نشره حول الواقعة. كما أكد المصدر أن هناك تحقيقاً تجريه الجهات المختصة لكشف ملابسات الواقعة بشكل كامل.
الجدل حول التعامل مع الحيوانات الضالة المشتبه بإصابتها بالسعار
في سياق الجدل الدائر حول واقعة “كلب طنطا”، أكدت الدكتورة شيرين علي ذكي، وكيل نقابة الطب البيطري، على أهمية التمييز بين سلوك العض والإصابة بمرض السعار. وأوضحت أن ليس كل كلب يعض يعتبر مصابًا بالسعار.
وشرحت الدكتورة شيرين أن من أبرز أعراض مرض السعار في مراحله المتأخرة امتناع الحيوان عن الأكل والشرب، كما أشارت إلى ظهور تشنجات عنيفة على الحيوان في تلك المرحلة. وشددت على أن السعار مرض قاتل بطبيعته ولا يوجد له علاج، مشيرة إلى ضرورة احتفاظ الجهات المختصة بالكلب الذي يشتبه في إصابته بالسعار لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع للتأكد من حالته بشكل قاطع.
أشارت وكيل نقابة الطب البيطري إلى عدم وجود إجراء نظامي يسمى “إنهاء حياة الكلاب بقتلها”، وأوضحت أنه في حال تزايد الشكاوى ضد الكلاب في منطقة معينة، يتم العمل على تطعيم هذه الكلاب ضد السعار كإجراء وقائي.
تساؤلات حول حقوق الحيوان في مصر
أثارت قضية “كلب هاسكي طنطا” العديد من التساؤلات حول واقع التعامل مع الحيوانات في مصر، والفجوة بين القوانين الموجودة وآليات تطبيقها على أرض الواقع. كما سلطت الضوء على أهمية نشر ثقافة الرفق بالحيوان وتوعية المواطنين بالطرق السليمة للتعامل مع الحيوانات الضالة، بما يضمن سلامة البشر والحيوان على حد سواء.
تستمر التحقيقات في الواقعة، وسط مطالبات متزايدة من النشطاء والمنظمات المعنية بتغليظ العقوبات على المتورطين في انتهاك حقوق الحيوان، وتعزيز دور الجهات المختصة في توفير حلول أكثر إنسانية وفعالية للتعامل مع الحيوانات الضالة في المناطق السكنية.










