شهدت الأسواق المالية العالمية، وبالأخص الأمريكية، جلسة تداول متقلبة يوم الأربعاء، متأثرة بصدور بيانات اقتصادية أثارت قلق المستثمرين. تمثل العامل الأبرز في الانكماش غير المتوقع للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الأول من العام بنسبة 0.3% على أساس سنوي، وهو أول انكماش يسجل منذ ثلاث سنوات، وجاء أضعف من التوقعات التي أشارت لانكماش طفيف بنسبة 0.1%. يُعزى هذا التراجع بشكل كبير إلى الزيادة الحادة في الواردات نتيجة سعي الشركات لتكوين مخزونات استباقًا لتطبيق التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس ترامب.
هذه البيانات السلبية، بالإضافة إلى تباطؤ نمو التوظيف في القطاع الخاص وفقًا لبيانات ADP لشهر أبريل، وضعت ضغوطًا بيعية على مؤشرات الأسهم الرئيسية. حيث تراجع مؤشر S&P 500 بنحو 0.9%، وناسداك المركب بنسبة 1.4%، ومؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.6%، ليتجه الأخير نحو تسجيل خسارة شهرية تتجاوز 3% في ظل تقلبات شهر أبريل المدفوعة بالتوترات التجارية.
على صعيد التضخم، أظهر مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (المقياس المفضل للاحتياطي الفيدرالي) ارتفاعًا بنسبة 3.5% في الربع الأول، متجاوزًا التوقعات (3.2%) ومستوى الربع السابق (2.6%). هذا الارتفاع يزيد من تعقيد مهمة الفيدرالي في تحديد مسار السياسة النقدية مستقبلاً.
وسط هذه المعطيات، يترقب المتعاملون بحذر شديد نتائج عمالقة التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وميتا (فيسبوك سابقًا)، والتي ستصدر بعد إغلاق السوق، لتقييم مدى قدرة هذه الشركات على تحقيق عوائد من استثماراتها (لا سيما في الذكاء الاصطناعي لمايكروسوفت) ومدى تأثرها بالبيئة التجارية والاقتصادية الحالية.
أما في أسواق السلع والعملات، فقد تذبذبت أسعار الذهب قبل أن تقلص خسائرها بدعم من زيادة الرهانات على خفض الفائدة بعد بيانات النمو الضعيفة، لكنها لا تزال متجهة لتحقيق مكاسب شهرية قوية. في المقابل، واصلت أسعار النفط تراجعها الحاد، متجهة لتسجيل أكبر خسارة شهرية منذ نوفمبر 2021، بفعل المخاوف المتزايدة من تباطؤ الطلب العالمي نتيجة للحروب التجارية والقلق من وفرة المعروض. وشهد الدولار الأمريكي ارتفاعًا مقابل العملات الرئيسية رغم بيانات الانكماش، ربما لأن النتيجة لم تكن بالسوء الذي توقعه البعض.
يعكس هذا المشهد حالة من عدم اليقين والترقب الحذر التي تسيطر على الأسواق، في ظل تداخل تأثيرات تباطؤ النمو، واستمرار الضغوط التضخمية، والسياسات التجارية، وترقب أداء قطاع التكنولوجيا الحيوي.











