في فضيحة تعليمية مدوية تهدد ثوابت المجتمع المصري المحافظ، فجّرت مدرسة “ران” الألمانية بالتجمع الخامس جدلاً واسعاً بعد الكشف عن تدريسها مناهج تحتوي على ترويج صريح للشذوذ الجنسي لطلاب الصف السادس الابتدائي.
الواقعة، التي بدأت بصدمة أحد أولياء الأمور من محتوى كتاب البيولوجي، تحولت إلى قضية رأي عام شغلت الإعلام، البرلمان، والجهات الرسمية، وسط مطالبات عاجلة بمحاسبة المدرسة ومراجعة المناهج الأجنبية في مصر.
فهل نحن أمام اختراق قيمي خطير يستهدف أطفالنا؟ أم أن الأمر مجرد “سوء فهم” كما يدّعي البعض؟ التحقيق التالي يكشف التفاصيل الكاملة.
كشفت تحقيقات موسعة عن قيام مدرسة ران الألمانية الواقعة بالتجمع الخامس بالقاهرة بتدريس مناهج تروج للشذوذ الجنسي لطلاب المرحلة الابتدائية، في سابقة خطيرة تثير الرعب لدى أولياء الأمور والمجتمع المصري المحافظ.
بدأت الفضيحة عندما اكتشف أحد أولياء الأمور بالصدفة محتوى صادماً في كتاب البيولوجي الخاص بابنه بالصف السادس الابتدائي، حيث وجد كتاباً مجلداً بطريقة فاخرة يتضمن صوراً وشروحات باللغة الألمانية تتناول موضوعات “الشذوذ الجنسي” بشكل صريح.
فور اكتشاف الصدمة، قام ولي الأمر بترجمة الكتاب ترجمة معتمدة من مكتب “الألسن للخدمات التعليمية”، ليكتشف أن ابنه كان يدرس فعلياً مناهج تروج لقبول الشذوذ الجنسي.
يفتتح كتاب مادة البيولوجي فصلاً كاملاً بعنوان “الميل الجنسي” يتضمن عدة أسئلة استفزازية مثل: “ما هو الميل الجنسي؟” و”هل الحب والجنس مرتبطان ببعضهما البعض؟” و”ما هي أشكال النمط الجنسي؟”.
الأخطر من ذلك، تضمنت الصفحة الثانية من الكتاب مصطلحات تعبر عن الشذوذ بشكل صريح، حيث يقول النص: “ما أنا؟ يبدأ العديد من المراهقين تجربتهم الجنسية الأولى مع أشخاص من نفس الجنس، إلا أن هذا لا يعني أن الشخص غير طبيعي”.
كما يشير الكتاب إلى “أزواج الميل الجنسي” ويقول: “يحتاج بعض الأشخاص إلى إقامة علاقات جنسية عاطفية مع أشخاص من الجنسين على حد سواء، وهؤلاء المزدوجون يمكن أن يكونوا في علاقات مزدوجة ومتبادلة مع أكثر من شخص”.
ردود الفعل كانت سريعة وغاضبة. تقدم المحامي أشرف ناجي في 15 أبريل 2024 ببلاغ للنائب العام ضد إدارة مدارس “ران” الألمانية يتهمها بتدريس مواد غير سوية تدعو إلى إتيان الرذيلة وهدم القيم والأخلاق والدعوة إلى المثلية الجنسية.
وقد صرح ناجي في مداخلة تلفزيونية أن هناك مقررات تروج للشذوذ الجنسي مثل مادة “البيولوجي” بكتاب الصف السادس الابتدائي.
المثير للدهشة أن إدارة المدرسة، بدلاً من الاعتذار وتصحيح الخطأ، لجأت إلى محاولات يائسة لإخفاء الحقيقة وتهديد أولياء الأمور.
فقد ذكرت صحيفة “السبورة” المحلية أن المدرسة تحاول تبرئة نفسها من التهم الموجهة لها من خلال التواصل مع أولياء الأمور ومطالبتهم بإرسال الكتب إليها وإخفاء حقيقة تدريس مناهج الشذوذ الجنسي وهددت بأنها ستغلق المدرسة إذا تم تصعيد الأمر.
وأضافت صحيفة “المصري اليوم” أن إدارة المدرسة طلبت من أولياء الأمور تمزيق الصفحات التي تحتوي على مثل هذه المواد، والتوقيع على إقرار بأنها موجودة بالمنهج، ولكن لا يتم تدريسها.
بل وأوضحت نقلاً عن مصادر من أولياء أمور الطلاب، أن هناك مدرسين يرفضون تدريس هذه المواد، لكن الإدارة الألمانية تستبدلهم بآخرين من أجل تدريسها، تحت بند برامج تدريبية للطلبة.
القضية بلغت البرلمان المصري عندما قدم النائب محمود عصام سؤالاً برلمانياً إلى رئيس المجلس حنفي جبالي، موجهاً لوزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف.
وطالب النائب بتوضيحات الوزير بشأن شروع مدرسة ألمانية في القاهرة بتدريس مواد تتضمن الدعوة للتسامح مع الشذوذ الجنسي بالمخالفة للقيم المستقرة في المجتمع المصري المسلم، بوصفه فعلاً شاذاً ومنبوذاً تحرمه الأديان والشرائع السماوية.
وأمام تضخم المشكلة، تحركت وزارة التربية والتعليم في 17 أبريل 2024، حيث وجه وزير التعليم بتشكيل لجنة من قيادات الوزارة وإرسالها للمدرسة للوقوف على الموقف واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة كافة على الفور في حال ثبوت المخالفات التي تم تداولها.
وأكدت الوزارة في بيان رسمي أنها ترفض بشكل تام أي محاولة من أي مدرسة على الأراضي المصرية للترويج أو تدريس مفاهيم تتعارض مع الفطرة السليمة والشرائع السماوية والقيم المجتمعية والأخلاقية.
المجلس القومي للأمومة والطفولة قدم هو الآخر شكوى رسمية ضد المدرسة، حيث قام يوم الأحد 5 مايو 2025 برفع شكوى رسمية لمكتب النائب العام محمد شوقي، متهماً مدرسة “ران” الألمانية بالقاهرة الجديدة بتدريس المثلية الجنسية لطلاب الصف السادس الابتدائي.
وفي محاولة للدفاع عن المدرسة، أصدر السفير الألماني في القاهرة، فرانك هارتمان، بياناً نفى فيه أن تكون مدرسة ران بالقاهرة تروج لتوجهات جنسية معينة، معتبراً أنه غير صحيح وغير معقول.
وأضاف أن المدرسة متهمة بسبب محتوى وصفي واقعي جاء في كتب مدرسية. كما أوضح أن مدرسة ران ليست واحدة من المدارس الألمانية السبع المعترف بها في خارج ألمانيا، إلا أنها قد تم اعتمادها منذ بداية العام الجاري كمدرسة تقدم شهادة دبلوم اللغة الألمانية.
ولكن الأمر لا ينتهي هنا، فقد كشف خبير تعليمي مصري، خالد خيري، أن هذه الواقعة ليست معزولة، بل هي جزء من “حالة حرب شاملة تستهدف الدين والقيم والثوابت والوطن نفسه”، واصفاً الأمر بـ “الفوضى”. وقال: “لا يمكن أن تدرس مدرسة ألمانية مناهج تتعلق بالشذوذ الجنسي في بلد دون تخطيط وقصد مسبق ومعد له”.
هذه القضية ليست الأولى من نوعها في مصر، ففي ديسمبر 2017، أجرت وزارة التربية والتعليم تحقيقات عاجلة في واقعة صورة من المناهج جرى تداولها عبر وسائل مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت تروج للشذوذ الجنسي. والملفت للنظر أن المدرسة الراقية يصل سعر مصروفاتها السنوية إلى 138 ألف جنيه مصري (2860 دولاراً أمريكياً).
وزير التعليم وسط عواصف التشكيك والغضب الشعبي
تأتي فضيحة تدريس الشذوذ الجنسي في مدرسة “ران” الألمانية وسط أجواء مشحونة تطارد وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف، الذي يواجه منذ شهور حملة تشكيك واسعة في مؤهلاته الأكاديمية.
فقد تم تداول وثائق ومعلومات على منصات التواصل الاجتماعي تفيد بأن شهادة الدكتوراه التي يحملها الوزير صادرة من “جامعة وهمية” وغير معترف بها دولياً، مما أثار تساؤلات حول شرعيته العلمية وأهليته لقيادة قطاع التعليم في مصر.
الأزمة لم تتوقف عند هذا الحد، إذ فجّرت والدة الوزير مزيداً من الجدل بتصريحات صادمة نُسبت إليها، هددت فيها المحامين والنشطاء الذين يطالبون بفتح تحقيق رسمي حول شهادته، مؤكدة أن “من يقترب من محمد عبد اللطيف سيُدفن حيًّا”، في مشهد غير مسبوق في الخطاب العام المصري، زاد من اشتعال الغضب الشعبي.
هذا السياق يضع الوزير في موقف حرج أمام الرأي العام، خصوصاً في ظل تفجر قضايا أخلاقية خطيرة مثل فضيحة “مدرسة ران”، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول كفاءة وشفافية منظومة التعليم الحالية، وقدرتها على حماية القيم الوطنية في مواجهة الاختراقات الفكرية المستوردة.
ليست فضيحة مدرسة “ران” الألمانية إلا حلقة في سلسلة من الانهيارات الأخلاقية التي باتت تضرب المؤسسات التعليمية في مصر، سواء كانت دولية أو محلية. فقد سبقتها مأساة مدرسة “الكرمة” التابعة للكنيسة الأرثوذكسية في محافظة دمنهور، حيث تم اغتصاب الطفل ياسين على يد المراقب المالي صبري كامل جاب الله، في جريمة مروعة هزّت الرأي العام، وانتهت بالحكم على الجاني بالسجن المؤبد.
تشير الحالتان إلى خلل عميق في الرقابة، وانعدام الشفافية، وغياب المساءلة في مدارس يُفترض أن تكون أماكن للتربية والقيم، لا بؤراً للانحراف والاعتداء. إن استمرار هذه الفضائح، بصرف النظر عن الجهة المشرفة على المؤسسة التعليمية، يكشف عن أزمة بنيوية في منظومة التعليم، ويطرح تساؤلات ملحة حول دور الدولة في حماية أطفالها من التغريب الأخلاقي والانتهاكات الجسدية على حد سواء.
إن هذه الكارثة التعليمية تمثل نوعاً جديداً من الغزو الفكري يستهدف الأجيال الناشئة، ويعكس محاولات مستميتة لاختراق المجتمع المصري المحافظ وزعزعة أنظمته القيمية والأخلاقية. فهل ستكون هناك إجراءات حاسمة وفورية ضد هذه المدرسة ومثيلاتها لحماية أبنائنا من هذا الغزو الفكري المنظم؟
وهل سيتم مراجعة المناهج الدراسية في جميع المدارس الأجنبية للتأكد من خلوها من أي محتوى يتعارض مع قيمنا وتقاليدنا وديننا؟ أسئلة ملحة تنتظر إجابات عاجلة وحاسمة من المسؤولين.










