حذر مسؤولون في الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي من أن إثيوبيا وإريتريا تقتربان بشكل متسارع من حرب شاملة، مما يهدد بإعادة إشعال فتيل صراع دموي في واحدة من أكثر مناطق أفريقيا اضطرابا، ويزيد من احتمالات كارثة إنسانية جديدة.
في مقال نشر في مجلة Africa Report المتخصصة في الشؤون الأفريقية، كتب الجنرال تسادكان جبريتينساي، نائب رئيس الإدارة المؤقتة في تيغراي: “في أي لحظة قد تندلع حرب بين إثيوبيا وإريتريا”.
الانقسام في تيغراي يعيد إشعال التوترات
تأتي هذه التحذيرات في وقت يشهد فيه إقليم تيغراي انقساما داخليا منذ العام الماضي، بعد تفكك الجبهة الشعبية إلى فصيلين: أحدهما يقود الإقليم بدعم من الحكومة الفيدرالية، وآخر يعارض هذا التحالف.
وفي تطور خطير، سيطر الفصيل المعارض، والذي اتهم من قبل تسادكان بالسعي للتحالف مع إريتريا، على مدينة أديجرات الشمالية هذا الأسبوع.
نحميدو يدشن مقره العسكري في أديس أبابا: إثيوبيا تبدء خطة إسقاط نظام أفورقي بإريتريا
حركة الثورة الزرقاء تشكل جناحًا مسلحًا للإطاحة بنظام أفورقي في إريتريا بدعم إثيوبي
رئيس الإدارة المؤقتة في تيغراي، غيتاتشو رضا، دعا الحكومة المركزية في أديس أبابا إلى التدخل والدعم ضد ما وصفه بـ”المنشقين”، محذرا من أن “شعب تيغراي قد يقع مجددا ضحية حرب لا يؤمن بها”.
تحركات عسكرية واستعدادات للحرب
رغم صمت الحكومة الفيدرالية الإثيوبية، أكدت تقارير أن القوات الإثيوبية تم نشرها مؤخرا بالقرب من الحدود الإريترية، في الوقت الذي أمرت فيه الحكومة الإريترية بتعبئة عسكرية شاملة منذ منتصف فبراير/شباط، وفقا لمنظمة هيومن رايتس كونسيرن – إريتريا ومقرها لندن.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن السلطات الإريترية بدأت بتجنيد السكان قسرا، مع فرض قيود شديدة على حرية التنقل، ومنع مغادرة المواطنين دون سن الخمسين، في مؤشر واضح على الاستعداد لحرب محتملة.
حركة “الثورة الزرقاء” ولعبة النفوذ الإقليمي
في تطور لافت، ظهرت بوادر دعم إثيوبي لحركات المعارضة الإريترية، إذ أعلنت حركة الثورة الزرقاء، وهي حركة مناهضة للنظام في أسمرة بقيادة عناصر من الشتات الإريتري، عن تشكيل جناح مسلح مدعوم من إثيوبيا، عقب مؤتمر عقد في أديس أبابا أواخر يناير 2025.
كما أعلنت حركة لواء نحميدو المعارضة عن افتتاح مكتب مركزي لها في العاصمة الإثيوبية، ليكون “مركزا لقيادة العمل المسلح”، بحسب تصريحات القيادي أتوبييني جبري إيزيار، الذي أكد وجود تنسيق سياسي وأمني مع الحكومة الإثيوبية.
قلق دولي وتحذيرات من كارثة
مصادر استخباراتية أفادت لموقع المنشر الإخباري أن الحكومة الإثيوبية تدعم هذه الجماعات في إطار خطة تهدف لإسقاط نظام الرئيس أسياس أفورقي، الذي يحكم إريتريا منذ أكثر من ثلاثة عقود. ويخشى مراقبون من أن يؤدي هذا التدخل إلى تأجيج صراع داخلي في إريتريا، ما يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
إريتريا تشهد تعبئة عسكرية وحالة طوارئ في مواجهة تصاعد الثورة الزرقاء
هل سيغامر آبي أحمد بالدخول في حرب مع إريتريا؟
ويحذر المبعوثان الدوليان السابقان، بايتون كنوبف وألكسندر روندوس، في مقال نشر بمجلة Foreign Policy، من أن “الوضع في تيغراي هو فتيل جاف ينتظر عود ثقاب”.
خلفيات تاريخية وتوترات متصاعدة
تعود جذور التوتر بين إثيوبيا وإريتريا إلى عقود من الصراع. فبعد استقلال إريتريا عن إثيوبيا عام 1993، اندلعت حرب حدودية دموية بين الجانبين (1998-2000).
ورغم توقيع اتفاق سلام عام 2018 بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الإريتري أفورقي، إلا أن العلاقات تدهورت مجددا، خاصة بعد استبعاد إريتريا من مفاوضات السلام التي أنهت الحرب في تيغراي.
خطة الثورة الزرقاء: إثيوبيا تستهدف إسقاط النظام في إريتريا وتهدد قناة السويس
إثيوبيا تهدد إريتريا بدعم المعارضة لإسقاط أفورقي، ما علاقة مصر؟
وفي السنوات الأخيرة، زادت التصريحات الإثيوبية حول “حق إثيوبيا في الوصول إلى البحر الأحمر” من حدة التوتر، حيث يعتبرها مسؤولون إريتريون تهديدا مبطنا بالعمل العسكري.
تحالفات جديدة وتداعيات إقليمية
في أكتوبر 2024، وقعت إريتريا اتفاقا أمنيا ثلاثيا مع مصر والصومال، في خطوة فهمت على نطاق واسع على أنها رد استباقي لمواجهة ما تعتبره أطماعا إثيوبية في البحر الأحمر.
جنرال إثيوبي يصف مصر وإريتريا بـ “العدوين التاريخيين” ويطالب بالاستعداد للحرب
ويأتي هذا التصعيد في وقت حرج بالنسبة للأمن الإقليمي، خاصة مع استمرار الهجمات الحوثية على الملاحة في البحر الأحمر، التي تهدد حركة التجارة عبر قناة السويس، ما يضاعف المخاطر على استقرار القرن الأفريقي والاقتصاد الدولي.
المنطقة على حافة الانفجار
في ظل هذه التطورات المتسارعة، يخشى مراقبون أن تقود الحسابات الخاطئة أو الاستفزازات المحلية إلى حرب شاملة في القرن الأفريقي، تعيد إنتاج مأساة تيغراي، وتخلق بؤرة جديدة للاضطرابات في منطقة تعاني أصلا من أزمات إنسانية، وتدخلات إقليمية متشابكة.










