منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، تصاعدت حملات المقاطعة الشعبية ضد الشركات العالمية المتهمة بدعم إسرائيل، لتتحول إلى حركة اقتصادية عالمية أثرت بشكل مباشر على الأداء المالي لهذه الشركات، خاصة في الأسواق العربية والإسلامية. هذا التقرير يرصد بالأرقام والبيانات حجم الخسائر التي تكبدتها أبرز الشركات الداعمة لإسرائيل، ويحلل انعكاسات هذه المقاطعة على الاقتصاد العالمي وسلوك المستهلكين.
أبرز الشركات المتضررة من المقاطعة وأرقام الخسائر
فيما يلي الخساير من حيث الشركة وأبرز الأسواق المتضررة ونسبة انخفاض المبيعات والخسائر المالية (دولار) ثم ملاحظات إضافية
ماكدونالدز الشرق الأوسط، آسيا 50-90% (في بعض الدول العربية) 7-9 مليار (خلال ساعات) أول خسارة فصلية منذ 4 سنوات
ستاربكس الشرق الأوسط، ماليزيا، أمريكا حتى 50% (ماليزيا)، 7% (عالمياً) 12 مليار (خلال 20 يوماً) تسريح 2000 موظف في الشرق الأوسط
أمريكانا للمطاعم الخليج، الشرق الأوسط انخفاض الأرباح 48% 117.4 مليون (9 أشهر) تمتلك حقوق كنتاكي وبيتزا هت
كوكاكولا أوروبا، الشرق الأوسط، أفريقيا انخفاض الدخل التشغيلي 14% 977 مليون (تشغيلي) تراجع مبيعات ملحوظ
بيبسيكو الشرق الأوسط، أفريقيا، جنوب آسيا انخفاض الإيرادات 4% 197 مليون (تشغيلي) انخفاض الأرباح التشغيلية
نستله الشرق الأوسط، آسيا انخفاض النمو من 2.2% إلى 1.3% غير محدد بدقة تراجع المبيعات 2.5% (9 أشهر)
دومينوز بيتزا الشرق الأوسط انخفاض المبيعات 8.9% غير محدد بدقة حملة مقاطعة بسبب دعم الجيش
كارفور الشرق الأوسط تراجع المبيعات غير محدد بدقة إغلاق فروع في بعض الدول
تفاصيل وأرقام رئيسية
ماكدونالدز
سجلت الشركة أول خسارة فصلية في المبيعات منذ 4 سنوات بسبب المقاطعة، حيث تراجعت مبيعاتها في بعض الدول العربية بنسبة تتراوح بين 50% و90% خلال شهر واحد فقط.
خسرت ماكدونالدز نحو 7 إلى 9 مليارات دولار من قيمتها السوقية خلال ساعات بعد إعلانها عن تأثير المقاطعة على مبيعاتها الدولية في الربع الرابع من 2023، وتراجع سهمها بنسبة 4%.
انخفضت أرباح الشركة بنسبة 12% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
اضطرت الشركة إلى إعادة شراء جميع فروعها في إسرائيل بعد تراجع المبيعات بشكل حاد.
ستاربكس
تكبدت ستاربكس خسائر سوقية تجاوزت 12 مليار دولار خلال 20 يوماً فقط في ديسمبر 2023، نتيجة تراجع قيمة أسهمها مع تصاعد المقاطعة.
انخفض صافي دخل الشركة بنسبة 15% في الربع الأول من 2024، وتراجعت مبيعاتها 7% بين يوليو وسبتمبر 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
في ماليزيا، سجلت الشركة خسارة ربعية بلغت 6.7 مليون دولار وتراجع الموارد بنسبة 48%.
اضطرت إلى تسريح نحو 2000 موظف في الشرق الأوسط بسبب الظروف السوقية الصعبة.
أمريكانا للمطاعم (كنتاكي، بيتزا هت)
انخفضت أرباحها بنسبة 48.2% لتصل إلى 117.4 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024.
تراجعت أرباح الشركة إلى النصف تقريباً في الربع الأول من 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
كوكاكولا وبيبسيكو
كوكاكولا: تراجع الدخل التشغيلي في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بنسبة 14% ليصل إلى 977 مليون دولار.
بيبسيكو: تراجعت الإيرادات بنسبة 4% في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، وانخفضت الأرباح التشغيلية إلى 197 مليون دولار.
كلا الشركتين واجهتا انخفاضاً ملحوظاً في المبيعات نتيجة المقاطعة الشعبية.
نستله
انخفض نمو مبيعات نستله من 2.2% في الربع الثاني من 2024 إلى 1.3% في الربع الثالث، وتراجعت المبيعات بنسبة 2.5% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام مقارنة بالفترة المقابلة من 2023.
دومينوز بيتزا
انخفضت مبيعاتها بنسبة 8.9% في الشرق الأوسط بعد انتشار صور دعمها للجيش الإسرائيلي.
تأثير المقاطعة على الاقتصاد الإسرائيلي والشركات المحلية
تسببت المقاطعة في تراجع الاستثمارات الأولية في الشركات الإسرائيلية بنحو 90%، ووصلت ديون إسرائيل إلى 340 مليار دولار خلال عام 2024.
تراجعت السياحة الوافدة إلى إسرائيل بنسبة 70% خلال 2024 مقارنة بـ2023.
ألغت شركات تكنولوجية كبرى، مثل إنتل، استثمارات ضخمة (25 مليار دولار)، وأوقفت مشاريعها في إسرائيل.
انعكاسات المقاطعة على سلوك المستهلكين والأسواق
أظهرت المقاطعة قدرتها على تغيير سلوك المستهلكين، حيث باتت المنتجات المحلية تحظى بإقبال أكبر في الأسواق العربية والإسلامية.
اضطرت بعض الشركات إلى إغلاق فروعها أو بيعها في عدة دول عربية وإسلامية.
تراجعت قيمة العلامات التجارية المتضررة في الأسواق المالية، وأصبحت حملات المقاطعة أداة ضغط فعالة لمحاسبة الشركات على مواقفها السياسية والإنسانية.
فالمقاطعة لم تعد مجرد رد فعل عاطفي، بل تحولت إلى حركة اقتصادية مؤثرة، تدفع الشركات لإعادة النظر في سياساتها وعلاقاتها مع إسرائيل.
المقاطعة الاقتصادية تاريخيا وتأثيرها
المقاطعة الاقتصادية ليست ظاهرة جديدة، بل هي أداة ضغط استخدمتها الشعوب عبر التاريخ لتحقيق أهداف سياسية واجتماعية واقتصادية. تعود أولى حملات المقاطعة المنظمة إلى بدايات القرن العشرين، مثل مقاطعة المصريين للبضائع البريطانية عام 1921 احتجاجًا على الاحتلال، ثم مقاطعة المنتجات الإسرائيلية التي بدأت منذ عشرينيات القرن الماضي مع تصاعد الحركة الوطنية الفلسطينية. وتكررت هذه الحملات في محطات بارزة، مثل مقاطعة المنتجات الدنماركية عام 2005 بعد الرسوم المسيئة للنبي محمد، والتي تسببت في خسائر فاقت 170 مليون دولار وتراجع صادرات بنسبة 15%.
تأسست حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) عام 2005 لتوحيد الجهود الشعبية والمؤسساتية عالميًا، ونجحت في دفع شركات كبرى مثل فيوليا وأورانج إلى إنهاء استثماراتها في إسرائيل. وتؤكد تقارير البنك الدولي والأمم المتحدة أن للمقاطعة أثرًا اقتصاديًا ملموسًا على إسرائيل، وأن هذا التأثير يتزايد مع اتساع نطاق المشاركة الشعبية والمؤسساتية.
تحليلات حول تأثير المقاطعة الاقتصادية على الشركات الداعمة لإسرائيل
تسارعت وتيرة المقاطعة منذ العدوان الأخير على غزة في أكتوبر 2023، لتتحول إلى حركة جماهيرية واسعة النطاق، خاصة في العالمين العربي والإسلامي. شملت المقاطعة شركات عالمية كبرى مثل ماكدونالدز وستاربكس وأمريكانا وكوكاكولا وبيبسيكو ونستله ودومينوز بيتزا، وأدت إلى تراجع حاد في مبيعاتها وأرباحها، وخسائر سوقية ضخمة تجاوزت عشرات المليارات من الدولارات في بعض الحالات.
تأثير المقاطعة لم يقتصر على الأرقام المالية فقط، بل امتد ليشمل القيمة السوقية لأسهم الشركات المتضررة في البورصات العالمية، وضغطًا معنويًا دفع بعضها إلى مراجعة سياساتها أو إصدار بيانات نفي أو توضيح حول علاقتها بإسرائيل. كما ساهمت المقاطعة في تعزيز ثقافة الاستهلاك الواعي، حيث اتجه المستهلكون نحو المنتجات المحلية أو البديلة، ما أدى إلى نمو بعض الصناعات الوطنية على حساب العلامات التجارية العالمية الداعمة لإسرائيل.
من الناحية الاقتصادية، يعتمد الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير على التجارة والاستثمار الدوليين، ما يجعله عرضة للضغط عبر المقاطعة الدولية. وكلما اتسعت قاعدة المشاركة الشعبية والمؤسساتية في المقاطعة، زاد الأثر المالي والسياسي على إسرائيل وشركاتها الداعمة.
المقاطعة بين الوعي والممارسة: عوامل النجاح والتحديات
نجاح المقاطعة مرتبط بمدى وعي المستهلكين وانتشار المعلومات حول الشركات المستهدفة. لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في نشر قوائم المنتجات والشركات الداعمة لإسرائيل، وتنسيق الجهود الشعبية بشكل غير مسبوق. ومع اتساع المشاركة، تزداد فعالية المقاطعة في إلحاق خسائر حقيقية بالشركات، وإجبارها على إعادة النظر في سياساتها.
رغم محاولات بعض الشركات تقليل أثر المقاطعة عبر العروض والتخفيضات، إلا أن هذه المحاولات غالبًا ما تأتي بنتائج عكسية وتزيد من إصرار المقاطعين. كما أن الضغط الإعلامي والشعبي قد يدفع الشركات إلى اتخاذ خطوات عملية مثل بيع حقوق الامتياز أو الانسحاب من بعض الأسواق.
دروس من التاريخ: حملات مقاطعة ناجحة وأثرها على السياسات
تاريخيًا، أسهمت حملات المقاطعة في تغيير سياسات دول وشركات كبرى. على سبيل المثال، أدت مقاطعة المنتجات البريطانية في الهند إلى تراجع صادرات السكر الإنجليزي بنسبة الثلث، وساهمت في إلغاء العبودية. أما حملات المقاطعة ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا فقد كانت أحد العوامل الحاسمة في إنهاء النظام العنصري هناك.
في السياق الفلسطيني، أدت حملات المقاطعة إلى انسحاب شركات كبرى من السوق الإسرائيلية، وتراجع الاستثمارات الأجنبية بشكل ملحوظ، ما زاد من عزلة إسرائيل اقتصاديًا وسياسيًا.





