أعلن البابا ليو الرابع عشر عن استعداد الكرسي الرسولي لاستضافة محادثات سلام مباشرة بين روسيا وأوكرانيا في الفاتيكان، في محاولة جديدة لإنهاء الحرب التي دخلت عامها الرابع، وسط تصاعد التوترات السياسية والميدانية بين الطرفين.
وقال الكاردينال بيترو بارولين، أمين سر دولة الفاتيكان وكبير دبلوماسيي الكرسي الرسولي، على هامش فعالية في العاصمة الإيطالية روما، إن الوضع “مأساوي”، مضيفا:
“كنا نأمل في مسار يؤدي، ولو ببطء، إلى حل سلمي للنزاع، لكننا الآن عدنا إلى نقطة البداية”.
وأشار إلى أن البابا يخطط لدعوة الطرفين للاجتماع وجها لوجه في الفاتيكان، رغم صعوبة وتعقيد الوضع الحالي.
الفاتيكان يدخل على خط الوساطة
البابا ليو الرابع عشر، الذي تم انتخابه الأسبوع الماضي، أكد في تصريحات سابقة أن السعي إلى السلام في أوكرانيا سيكون من أولويات حبريته. وفي لقائه مع ممثلي الكنائس الشرقية الأربعاء الماضي، قال:
“الكرسي الرسولي مستعد دائما للمساعدة في جمع الأعداء وجها لوجه… فلنجتمع، ونتحدث، ونتفاوض. إن من يصنعون التاريخ هم صانعو السلام”.
تعثر المفاوضات في إسطنبول
يأتي عرض البابا بينما تواصلت التحركات الدبلوماسية في إسطنبول، حيث وصل وفد روسي رفيع برئاسة فلاديمير ميدينسكي، مساعد الرئيس الروسي، لإجراء مفاوضات مع الجانب الأوكراني، إلا أن الاجتماع الذي كان مقررا عقده أمس الخميس لم يتم، وأكدت مصادر تركية أنه من المرتقب عقده اليوم.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي عبر سابقا عن استعداده للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وصف تشكيلة الوفد الروسي بأنها “مهزلة”، معتبرا أن موسكو لا تبدي جدية في السعي إلى اتفاق. ودعا إلى مزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية على روسيا، مشيرا إلى أن بوتين “يسعى فقط لكسب الوقت وتفادي العقوبات”.
تصعيد متبادل
جاء الرد الروسي سريعا عبر المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، التي قالت مهاجمة زيلينسكي:
“من يستخدم كلمة مهزلة؟ مهرج؟ فاشل؟ شخص بلا أي علم”، وهو خطاب معتاد من الدوائر الرسمية الروسية ضد الرئيس الأوكراني.
ضغوط غربية وتحذيرات بالعقوبات
في موازاة ذلك، كثفت الدول الغربية ضغوطها على موسكو. وصرح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن فرنسا والولايات المتحدة وحلفاء “الناتو” يدرسون فرض عقوبات أشد إذا لم تبد روسيا استعدادا حقيقيا للتفاوض.
مبادرة الفاتيكان… بصيص أمل أم خطوة رمزية؟
عرض البابا لعقد المفاوضات في الفاتيكان ينظر إليه كمحاولة جديدة لإحياء المسار السياسي، إلا أن حجم الخلافات الجوهرية بين الطرفين، ومواقفهما المتصلبة، تلقي بظلال من الشك على إمكانية التوصل إلى حل سريع. ومع ذلك، يرى مراقبون أن دور الفاتيكان الرمزي والديني قد يشكل دافعا معنويا لتقريب وجهات النظر، أو على الأقل كسر الجمود الدبلوماسي القائم.










