في عاصمة أنهتكتها الحروب، انطلقت اليوم، الجمعة 17 مايو 2025، القمة العربية الثالثة والثلاثون في بغداد، وسط أزمات خانقة تعصف بالعالم العربي، أبرزها أزمة الأمن الغذائي، التي باتت أكثر حضورًا من أي وقت مضى، خاصة في ظل مجاعة غزة التي تخنق القطاع المحاصر بصمتٍ مروّع.
قمة تتحدث… وغزة تجوّع
وفي الوقت الذي يتبادل فيه الزعماء كلمات الدعم والتضامن داخل القاعات الفاخرة، تئن غزة من الجوع، بعد شهور من الحصار والتجويع الممنهج، وسط عجز عربي عن تأمين الحد الأدنى من الغذاء والدواء لسكانها.
مشاهد الأطفال الذين يفترشون الأرض جوعًا، ونداءات المستشفيات التي توقفت عن العمل، رسمت واقعًا صادمًا جعل من ملف الأمن الغذائي العربي أكثر إلحاحًا وواقعية.
الأمن الغذائي يتصدر أجندة القمة
تناول القادة العرب في جلسة اليوم ملفات اقتصادية عدة، أبرزها:
إطلاق صندوق عربي مشترك للأمن الغذائي برأسمال مقترح 10 مليارات دولار.
تعزيز الاستثمار الزراعي في الدول العربية ذات الإمكانيات الطبيعية.
دعم الدول المتضررة من الحروب والصراعات، وفي مقدمتها فلسطين والسودان واليمن.
لكن هذه الطروحات، وفق مراقبين، ما زالت في إطار التصريحات، وسط غياب واضح لخطة تنفيذية ملزمة، أو تعهدات مباشرة بإغاثة غزة فورًا.
غزة تكشف عجز النظام الاقتصادي العربي
ورأى خبراء اقتصاد أن مجاعة غزة ليست مجرد كارثة إنسانية، بل هي مرآة تعكس فشل المنظومة العربية في بناء استراتيجية غذائية موحدة، وقصور في إدارة الموارد، وتباطؤ في الاستجابة السريعة للأزمات.
وقال الدكتور عبد الهادي النجار، أستاذ الاقتصاد السياسي:
“لا معنى لأي حديث عن الأمن الغذائي ونحن نعجز عن إرسال شاحنة طحين واحدة إلى غزة، حيث الأطفال يموتون جوعًا في القرن الحادي والعشرين.”
بين المبادرات والشعوب… مسافة لا تزال طويلة
ورغم أهمية الملفات التي طُرحت على طاولة القمة – من الربط الزراعي وتسهيل حركة البضائع، إلى تطوير مخازن استراتيجية عربية للحبوب – فإن الشارع العربي لم يعد يثق كثيرًا في نتائج القمم، ما لم تُترجم إلى أفعال فورية، تبدأ من إغاثة غزة، ولا تنتهي عند إصلاح المنظومات الزراعية والإنتاجية في باقي الدول.
بيان مرتقب واختبار حقيقي
من المنتظر أن تختتم القمة أعمالها غداً ببيان ختامي، لكن الاختبار الحقيقي لا يكمن في البيان، بل في صندوق الطعام الذي يصل إلى طفل في غزة، وفي قرار سياسي واحد يمكنه أن يكسر الحصار ويوصل الغذاء والدواء.
ففي بغداد، نُسجت من جديد خيوط الأمل العربي… لكن يبقى السؤال: هل تتحرك العواصم العربية قبل أن تتحول غزة إلى مجاعة موثقة في كتب التاريخ؟











