في خطوة تعكس تصاعد التوترات التجارية بين بكين والدول الغربية، أعلنت وزارة التجارة الصينية، اليوم الأحد، فرض رسوم جمركية لمكافحة الإغراق تصل إلى 74.9% على واردات البولي أوكسي ميثيلين – أحد أنواع البلاستيك الهندسي عالي الأداء – من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان وتايوان.
ويأتي هذا القرار بعد تحقيقات استمرت لأشهر، خلصت فيها السلطات الصينية إلى أن هذه الدول تبيع منتج البولي أوكسي ميثيلين في السوق الصينية بأسعار منخفضة بشكل غير عادل، وهو ما يضر بالصناعات المحلية في البلاد. وتشير وزارة التجارة إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى “إعادة التوازن للسوق المحلية وحماية المنتجين الصينيين من المنافسة غير المشروعة”.
ما هو البولي أوكسي ميثيلين ولماذا هو مهم؟
يُستخدم البولي أوكسي ميثيلين في تطبيقات صناعية عديدة، تتراوح من صناعة قطع السيارات والإلكترونيات إلى الأجهزة المنزلية، بفضل خصائصه الفريدة مثل الصلابة ومقاومة التآكل. ويُعدّ من أهم أنواع البلاستيك الهندسي، وتتنافس الشركات العالمية على تصديره للأسواق الكبرى مثل الصين، التي تُعدّ من أكبر المستهلكين عالميًا لهذه المادة.
خلفية: ما معنى “رسوم الإغراق”؟
رسوم الإغراق هي تدابير حمائية تتخذها الدول عندما تكتشف أن منتجًا مستوردًا يُباع في السوق المحلية بسعر أقل من تكلفته الحقيقية أو من سعر بيعه في بلد المنشأ، مما يضر بالمنتجات المحلية المنافسة. وتلجأ الدول إلى فرض هذه الرسوم لتعويض الفرق السعري وحماية صناعاتها الوطنية من الإضرار طويل الأمد.
تصعيد في الحرب التجارية؟
قرار بكين الأخير قد يُنظر إليه باعتباره حلقة جديدة في الحرب التجارية العالمية، لا سيما بين الصين والولايات المتحدة. فبعد سنوات من فرض واشنطن لرسوم جمركية على مئات المنتجات الصينية بدعوى الإغراق أو سرقة الملكية الفكرية، تبدو الصين اليوم مستعدة للرد بالمثل، وبقوة.
وتأتي هذه الرسوم الجديدة وسط تصاعد التوترات الاقتصادية بين واشنطن وبكين، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والصناعة، كما تتزامن مع مساعٍ أمريكية لتقليل الاعتماد على الواردات الصينية عبر دعم التصنيع المحلي والتحالفات التجارية البديلة.
ما الذي قد يحدث لاحقًا؟
يتوقع خبراء الاقتصاد أن تثير هذه الخطوة ردود فعل غاضبة من الشركات الغربية المتضررة، وربما تدفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى النظر في فرض تدابير انتقامية أو رفع النزاع إلى منظمة التجارة العالمية. كما قد تؤثر على أسعار المنتجات المصنعة التي تعتمد على هذه المادة في السوق الصينية والعالمية.
في الختام، يبدو أن ملف التجارة العالمية يتجه نحو مزيد من التعقيد، حيث تتداخل المصالح الاقتصادية بالقرارات السياسية، ويصبح المستهلك والشركات الصغيرة في مرمى نيران حرب جمركية لا تهدأ.










