كشف السفير الأمريكي السابق في سوريا، روبرت فورد، في محاضرة مثيرة ألقاها في بالتيمور في مايو 2025، عن تفاصيل جديدة تتعلق بالدور البريطاني في تدريب أحمد الشرع المعروف سابقا بـ أبو محمد الجولاني لمساعدته في الانتقال من عالم الإرهاب إلى السياسة، وصولا إلى رئاسة سوريا.
اللقاءات بين فورد والشرع
أوضح فورد أنه في بداية عام 2023، تلقت طلبا من منظمة بريطانية غير حكومية متخصصة في حل النزاعات لمساعدتها في تأهيل أحمد الشرع، حيث تم ترتيب سلسلة من اللقاءات بينه وبين الشرع.
التقى فورد بالشرع مرتين في إدلب خلال عامي 2023 و2024، قبل أن يلتقيا للمرة الثالثة في القصر الرئاسي بدمشق في يناير 2025، بعد أن أصبح الشرع رئيسا للمرحلة الانتقالية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وخلال محاضرة فورد، روى السفير الأمريكي تفاصيل اللقاء الأول قائلا: في المرة الأولى التي قابلت فيها الشرع، قلت له باللغة العربية: لم أكن أتخيل ولو بعد مليون عام أن أجلس بجانبك وأنت بلحية كبيرة وترتدي ملابس عسكرية، ورد الشرع بهدوء قائلا: ولا حتى أنا.
أبو محمد الجولاني قائد تحرير الشام : جهادي أم جاسوس مجهول الهوية في سوريا؟
محافظ دمشق: سوريا الجولاني لا تهدد إسرائيل
وأضاف فورد أنه في لقائه الثالث مع الشرع في القصر الرئاسي، قال له: لم أكن أتوقع أن أراك هنا ولو بعد مليون سنة. فأجاب الشرع مبتسما: أحب أن أفاجئك باستمرار يا سعادة السفير.
أحمد الشرع: من الجهادي إلى رئيس دولة
أحمد الشرع، الذي كان يعرف سابقا بـ أبو محمد الجولاني، كان الزعيم السابق لـ هيئة تحرير الشام، وهي مجموعة جهادية كانت مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة.
وفي ديسمبر 2024، قاد الشرع هجوما خاطفا أطاح بنظام بشار الأسد، وفي 29 يناير 2025 تم تعيينه رئيسا للمرحلة الانتقالية في سوريا.
تحول مفاجئ: إسرائيل تعرب عن اهتمامها بعلاقات “جيدة” مع أحمد الشرع
ترحيب دولي بتشكيل الحكومة السورية الانتقالية برئاسة أحمد الشرع
لكن مسار الشرع شهد تحولات كبيرة، فقد كان قد صرح في عام 2014 بأن هدفه هو حكم سوريا وفقا للشريعة الإسلامية، وأنه لا مكان للأقليات الدينية في البلاد مثل العلويين والشيعة والدروز والمسيحيين.
ولكن مواقفه تغيرت بشكل جذري بعد مرور السنوات، حيث أجرى تعديلات على خطابه السياسي، وظهر أخيرا في لقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض، ما أثار غضب تنظيم داعش الذي اتهمه بالاستبدال باتفاقيات أبراهام بدلا من ملة إبراهيم.
الدور البريطاني والشبكة الدولية
فيما لم يكشف فورد عن اسم المنظمة البريطانية التي طلبت منه المساعدة في تدريب الشرع، هناك عدة منظمات بريطانية غير حكومية نشطت في مجال العمل الإنساني وحل النزاعات في سوريا خلال سنوات الحرب الأهلية.
و من بين هذه المنظمات انترناشيونال أليرت International Alert التي تعمل على بناء السلام في سوريا، ووطن المملكة المتحدة Watan UK التي تقدم الدعم الإغاثي للسوريين.
تسليط الضوء على الدور البريطاني في تأهيل الشرع يأتي في سياق العلاقات الدولية المعقدة، خاصة بعد أن طلبت وزارة الخارجية البريطانية في مارس 2025 من رعاياها مغادرة سوريا نظرا للأوضاع الأمنية المتدهورة.
بالإضافة إلى ذلك، زار وفد من وزارة الخارجية البريطانية دمشق للقاء أحمد الشرع، حيث ناقشوا التطورات السياسية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد وأكد الشرع على ضرورة رفع العقوبات من أجل تسهيل عودة اللاجئين.
دور فورد في المرحلة الانتقالية
روبرت فورد، الذي شغل منصب السفير الأمريكي في دمشق من 2011 إلى 2014، كان معروفا بمواقفه المناصرة للمحتجين السوريين خلال الانتفاضة الشعبية، حتى أن زيارته الشهيرة لمدينة حماة في 2011، حيث التقى المتظاهرين، أثارت غضب نظام الأسد وهددت سلامته الشخصية.
وفي محاضرة له في مايو 2025، تحدث فورد عن التحديات التي تواجه سوريا في المرحلة الانتقالية، بما في ذلك كيفية التعامل مع الرئيس الجديد أحمد الشرع. كما أشار إلى ثلاث قضايا رئيسية: العلاقة مع إسرائيل، التحديات الأمنية في سوريا، وأهمية تغيير الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
وفي مقال نشره في فورين أفيرز في مارس 2025، دعا فورد إدارة الرئيس الأمريكي إلى سحب قواتها من سوريا، مشيرا إلى أن الوجود الأمريكي في سوريا أصبح غير مستدام، والقوات الأمريكية عرضة للهجوم، وتفتقر إلى مهمة واضحة وأهداف محددة.
تكشف تصريحات فورد عن جوانب غير معروفة في التحولات السياسية في سوريا، حيث تلعب القوى الدولية، بما في ذلك بريطانيا، دورا مهما في إعادة تشكيل المشهد السياسي في البلاد. ومع تولي أحمد الشرع رئاسة سوريا بعد فترة طويلة من الحرب، فإن التحديات المستقبلية ستكون كبيرة، سواء في التعامل مع المسائل الداخلية أو العلاقات مع القوى العالمية.










