في خطوة مفاجئة أثارت قلق الأسواق المالية العالمية، أعلنت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني عن خفض التصنيف الائتماني طويل الأجل لعدد من كبرى البنوك الأميركية، من بينها “جي بي مورغان تشيس”، و”بنك أوف أميركا”، و”ويلز فارجو”. وجاء هذا القرار بعد أيام من إعلان الوكالة نفسها عن خفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة الأميركية، وسط تصاعد المخاوف من ارتفاع غير مسبوق في الدين العام الأميركي الذي تجاوز حاجز 36 تريليون دولار.
وقالت وكالة موديز إن قرار خفض التصنيف للبنوك الكبرى يعكس “تدهور البيئة المالية العامة في الولايات المتحدة، وزيادة الضغوط الهيكلية على النظام المصرفي الأميركي”، محذرة من أن هذه التحديات قد تؤثر سلباً على قدرة البنوك في مواجهة الأزمات الاقتصادية المحتملة.
الدين العام الأميركي يتجاوز 36 تريليون دولار
أرجعت “موديز” قرارها الأخير إلى ما وصفته بـ”الارتفاع المقلق” في مستويات الدين العام الأميركي، الذي بلغ مؤخراً 36 تريليون دولار، ما يمثل تهديداً مباشراً للاستقرار المالي للدولة ويضع ضغوطاً على السياسات المالية والنقدية.
وأكدت الوكالة أن هذا المستوى من الدين “غير مستدام” على المدى الطويل، مشيرة إلى أن العجز المزمن في الموازنة الفيدرالية وارتفاع تكلفة خدمة الدين يشكلان تحديات رئيسية أمام الاقتصاد الأميركي.
تداعيات اقتصادية واسعة
أثار القرار موجة من القلق في أسواق المال، حيث سجلت أسهم البنوك الأميركية تراجعاً فور صدور التصنيفات الجديدة. ويرى خبراء أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى زيادة كلفة الاقتراض بالنسبة للبنوك، ما قد ينعكس على معدلات الفائدة المقدمة للمستهلكين والشركات.
وقال “جيمس كارتر”، محلل الأسواق المالية في نيويورك، إن “خفض تصنيف البنوك الكبرى يعني تآكلاً تدريجياً في الثقة بالنظام المصرفي الأميركي، وقد يؤدي إلى تشديد شروط الائتمان وركود محتمل في قطاعات واسعة من الاقتصاد”.
هل يتكرر سيناريو 2008؟
يشبه بعض المراقبين هذا الوضع بالتطورات التي سبقت الأزمة المالية العالمية عام 2008، حين تعرضت المؤسسات المالية لضغوط هائلة بسبب التوسع في الإقراض وضعف الرقابة. ورغم أن الظروف الاقتصادية حالياً تختلف من حيث التفاصيل، إلا أن جوهر التهديدات يكمن في الاعتماد المفرط على الديون.
وتبقى التساؤلات مطروحة حول مدى قدرة صناع القرار في واشنطن على التحكم في الدين العام الأميركي، وإعادة الاستقرار إلى النظام المالي قبل أن تتفاقم الأزمات.
ختاماً
يمثل خفض التصنيف الائتماني للبنوك الكبرى الأميركية من قبل “موديز” إنذاراً قوياً بوجود تحديات بنيوية تهدد الاقتصاد الأميركي. وفي وقت تتجه فيه الأنظار إلى الاحتياطي الفيدرالي والسياسات المالية المرتقبة، تبقى الثقة بالأسواق المالية مرهونة بقدرة الولايات المتحدة على احتواء أزمة الدين والسيطرة على نفقاتها العامة.











