في سياق متسارع من التحولات الاقتصادية والانفتاح على الاستثمارات الأجنبية، وقعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا مذكرة تفاهم استراتيجية مع شركة CMA CGM الفرنسية العملاقة، المتخصصة في النقل البحري والخدمات اللوجستية، لإنشاء وتشغيل موانئ جافة في عدرا والمنطقة الحرة السورية الأردنية المشتركة. تأتي هذه الخطوة في ظل تطورات إقليمية ودولية، أبرزها إعلان الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، ما يفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات وتطوير البنية التحتية الحيوية للبلاد.
تفاصيل الاتفاق CMA CGM تدير وتشغل موانئ جافة بمعايير عالمية
تنص مذكرة التفاهم على أن تتولى شركة CMA CGM إدارة وتشغيل الموانئ الجافة وفق أحدث المعايير الدولية، مع تقديم خدمات لوجستية متكاملة تشمل التخليص الجمركي، التخزين، والنقل متعدد الوسائط. وتهدف هذه الخطوة إلى تسريع حركة البضائع، خفض التكاليف التشغيلية، وتحسين بيئة الاستثمار في سوريا والمنطقة، عبر ربط المناطق الحرة بشبكات النقل البحري والبري، وتحقيق التكامل مع المرافئ السورية.
الموانئ الجافة مفهوم استراتيجي لتسهيل التجارة وتعزيز التنافسية
الميناء الجاف هو منشأة لوجستية متكاملة تقام في الداخل بعيداً عن الشريط الساحلي، وتُربط مباشرة بالموانئ البحرية عبر شبكات النقل المتعدد الوسائط طرق وسكك حديدية. وتكمن أهميته في تخفيف الضغط عن الموانئ البحرية، تسريع الإفراج الجمركي، خفض تكاليف النقل، وتقديم خدمات القيمة المضافة مثل التخزين وإعادة التصدير. كما تساهم الموانئ الجافة في جعل المناطق الحرة مراكز محورية للتجارة الإقليمية، خاصة في الدول ذات الموقع الجغرافي الاستراتيجي مثل سوريا، التي تشكل صلة وصل بين أسواق الشرق الأوسط وأوروبا.
انعكاسات الاتفاق بيئة استثمارية أكثر جاذبية وحركة تجارة متسارعة
من المتوقع أن ينعكس تشغيل الموانئ الجافة وفق المعايير الدولية إيجاباً على البيئة الاستثمارية في سوريا، من خلال
تسريع عمليات التخليص الجمركي وتسهيل حركة البضائع
خفض التكاليف التشغيلية وزيادة تنافسية الصادرات السورية
جذب استثمارات أجنبية مباشرة في قطاع الخدمات اللوجستية والبنى التحتية
تعزيز موقع سوريا كممر تجاري إقليمي بين آسيا وأوروبا، خاصة بعد رفع العقوبات الاقتصادية
سياق أوسع موجة استثمارات لوجستية أجنبية في سوريا
يأتي الاتفاق مع CMA CGM ضمن سلسلة من الاتفاقيات مع شركات دولية، أبرزها مذكرة تفاهم مع شركة صينية لاستثمار مناطق حرة في حمص وعدرا، واتفاق بقيمة 800 مليون دولار مع موانئ دبي العالمية لتطوير ميناء طرطوس وتأسيس مناطق صناعية وموانئ جافة أخرى. هذه المشاريع تعكس توجهاً حكومياً واضحاً لجعل سوريا مركزاً لوجستياً إقليمياً، مستفيدة من موقعها الجغرافي ورفع القيود الدولية.
تحليل هل تبدأ سوريا حقبة جديدة من التحول اللوجستي والاستثماري
تشير المؤشرات إلى أن سوريا، مدعومة باتفاقيات استراتيجية مع شركات عالمية ورفع تدريجي للعقوبات، تتجه نحو إعادة بناء بنيتها التحتية اللوجستية لتصبح لاعباً محورياً في حركة التجارة الإقليمية. الموانئ الجافة ليست مجرد منشآت خدمية، بل أدوات استراتيجية لتحويل الاقتصاد الوطني، جذب الاستثمارات، وخلق فرص عمل جديدة. نجاح هذه المشاريع رهن بقدرة الحكومة على توفير بيئة قانونية وتنظيمية مستقرة، واستكمال الربط بشبكات النقل الإقليمية، وضمان استدامة الشراكة مع القطاع الخاص والخبرات الدولية.
خلاصة الموانئ الجافة بوابة سوريا الجديدة نحو التجارة الإقليمية
توقيع مذكرة التفاهم مع CMA CGM لإنشاء وتشغيل موانئ جافة في عدرا والمنطقة الحرة السورية الأردنية يمثل نقلة نوعية في استراتيجية سوريا الاقتصادية، ويعكس رغبة واضحة في إعادة التموضع كمركز لوجستي وتجاري في المنطقة. ومع تزايد الانفتاح الدولي وتدفق الاستثمارات، تبدو سوريا أمام فرصة تاريخية لإعادة بناء اقتصادها وتعزيز تنافسيتها الإقليمية عبر بوابة اللوجستيات الحديثة.






