“حرب أسعار” تهز بورصة هونغ كونغ.. أسهم شركات السيارات الكهربائية الصينية تتراجع بقوة بقيادة BYD
شهدت بورصة هونغ كونغ يوم الاثنين موجة هبوط حادة لأسهم شركات السيارات الكهربائية الصينية، تصدرتها شركة بي واي دي BYD، وذلك في أعقاب إعلان الشركة عن تخفيضات غير مسبوقة في أسعار سياراتها بنسبة وصلت إلى 34%، في محاولة جريئة لتعزيز التنافسية وسط سوق يشهد احتداماً غير مسبوق في المنافسة وتباطؤاً في وتيرة النمو.
تخفيضات قياسية تشعل المنافسة
أعلنت BYD، أكبر شركة سيارات كهربائية في الصين، عن خصومات على 22 طرازاً من سياراتها الكهربائية والهجينة القابلة للشحن الخارجي، ممتدة حتى نهاية يونيو المقبل. شملت التخفيضات خفض سعر سيارتها الصغيرة سيغول بنسبة 20% ليصل إلى 55,800 يوان (نحو 7,780 دولاراً)، في حين سجل طراز سيل الهجين أكبر خفض بنسبة 34%، أي ما يعادل 53 ألف يوان، ليصبح سعره 102,800 يوان.
هذه الخطوة أشعلت شرارة حرب أسعار جديدة في قطاع السيارات الكهربائية الصيني، وأثارت مخاوف المستثمرين بشأن تأثير هذه السياسة على هوامش أرباح الشركات، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج وتقلب أسعار المواد الخام.
هبوط جماعي للأسهم ومخاوف من تآكل الأرباح
تراجعت أسهم BYD في بورصة هونغ كونغ بنسبة وصلت إلى 8.6% عند الإغلاق، بعد أن سجلت مستويات قياسية في الأسبوع السابق، مدفوعة بعمليات جني أرباح من المستثمرين الذين استفادوا من صعود السهم بنسبة فاقت 75% منذ بداية العام. كما انخفضت أسهم شركات منافسة مثل جيلي أوتوموبيل هولدينغز بنسبة 9.5%، ولي أوتو ونيو وإكسبنغ بنسب تراوحت بين 3% و8.5%، في ظل قلق متصاعد من اتساع دائرة المنافسة وتآكل هوامش الربحية.
كتب محللون أن الإعلان الرسمي عن هذه الخصومات يعكس مدى صعوبة الوضع في السوق النهائية، فيما توقع محللون آخرون أن تحذو شركات أخرى حذو BYD في خفض الأسعار، ما سيؤدي إلى مزيد من الضغوط على أرباح القطاع.
تحديات السوق الصيني وتباطؤ النمو
تأتي هذه التطورات في ظل تباطؤ النمو في سوق السيارات الكهربائية الصيني، رغم تحقيق مبيعات قياسية سنوية جديدة. لجأ المصنعون إلى خفض الأسعار لتحفيز الطلب الاستهلاكي المتراجع، في وقت وصل فيه مخزون السيارات لدى الوكلاء إلى 3.5 ملايين سيارة، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر 2023، ما يعادل 57 يوماً من المخزون.
استراتيجية BYD: توسع خارجي وحماية من حرب الأسعار
ورغم الضغوط المحلية، تواصل BYD توسعها في الأسواق الخارجية، حيث تجاوزت مبيعاتها من السيارات الكهربائية في أوروبا مبيعات تسلا للمرة الأولى الشهر الماضي. وتستفيد الشركة من سلسلة توريد متكاملة رأسياً، تصنع فيها بطارياتها الخاصة وأشباه الموصلات، ما يمنحها قدرة أكبر على امتصاص آثار حرب الأسعار مقارنة بمنافسيها.
بلغ هامش الربح الإجمالي للشركة في الربع الأول من 2025 نحو 20%، متفوقة على تسلا التي سجلت هامش ربح 16%، كما ارتفع صافي أرباح BYD إلى 9.15 مليارات يوان، ما يعكس قوة مركزها المالي رغم التحديات.
توقعات مستقبلية: هل تستمر الحرب؟
يراقب المستثمرون والمحللون الماليون عن كثب تداعيات هذه الخطوة على الأداء المالي لشركات السيارات الكهربائية الصينية في الأرباع القادمة، وسط تساؤلات حول قدرة القطاع على الحفاظ على الربحية في ظل استمرار حرب الأسعار وتباطؤ الطلب العالمي، وما إذا كانت شركات أخرى ستضطر إلى اتباع سياسات تسعير مشابهة للحفاظ على حصتها السوقية.
في ظل هذه الظروف، تبدو صناعة السيارات الكهربائية الصينية أمام مفترق طرق: إما مزيد من التنافسية والتخفيضات، أو موجة من الاندماجات والتغيرات الهيكلية لضمان الاستدامة في أكبر سوق للسيارات في العالم.






