في خطوة تعكس استمرار الضغوط المالية وتفاقم أزمة السيولة في سلطنة عُمان، أعلن البنك المركزي العُماني عن إصدار أذون خزانة بقيمة 33.05 مليون ريال عُماني لآجال مختلفة خلال عام 2025. هذه الخطوة، التي باتت تتكرر بوتيرة متسارعة، تثير تساؤلات جدية حول قدرة الاقتصاد العُماني على مواجهة تحديات العجز المالي المتواصل، وارتفاع الدين العام، واعتماد البلاد على أدوات الدين قصيرة الأجل لسد الفجوات التمويلية. فما هي الرسائل التي تحملها هذه الأرقام؟ وهل تكفي الإجراءات الحكومية الحالية لتفادي مزيد من التدهور الاقتصادي؟
التقرير الاقتصادي التحليلي
استمرار الاعتماد على أدوات الدين
إصدار أذون خزانة بقيمة 33.05 مليون ريال عُماني يعكس بوضوح حجم الضغوط التي تواجهها الحكومة في توفير السيولة اللازمة لتغطية النفقات الجارية. هذا الاعتماد المتزايد على الاقتراض قصير الأجل يطرح علامات استفهام حول فعالية السياسات المالية، خاصة في ظل استمرار العجز في الموازنة العامة، وارتفاع كلفة خدمة الدين إلى مستويات غير مسبوقة.
العجز المالي: تراجع نسبي لا يخفي المخاطر
تقدّر موازنة عُمان لعام 2025 عجزاً بنحو 620 مليون ريال عُماني، أي ما يعادل 6% من الإيرادات المتوقعة و1.4% من الناتج المحلي الإجمالي. ورغم أن هذا العجز أقل من الأعوام السابقة، إلا أن استمرار الحاجة إلى الاقتراض والسحب من الاحتياطات يضع الاقتصاد في دائرة الخطر، ويؤثر سلباً على تصنيف السلطنة الائتماني وثقة المستثمرين.
النفط: استمرار الاعتماد ومخاطر التقلبات
ما زال الاقتصاد العُماني يعتمد بشكل رئيسي على عائدات النفط، وهو ما يجعل المالية العامة رهينة لتقلبات الأسعار العالمية. تحتاج السلطنة إلى سعر برميل يقارب 82 دولاراً لتحقيق التوازن المالي، بينما تظل الأسعار عرضة للهبوط في أي لحظة، ما يهدد الاستقرار المالي ويزيد من هشاشة الوضع الاقتصادي.
التنويع الاقتصادي: بطء التنفيذ وضعف النتائج
رغم الجهود الحكومية لتنويع مصادر الدخل، إلا أن القطاعات غير النفطية لم تحقق بعد النمو الكافي لتعويض تراجع عائدات النفط. ويواجه الاقتصاد تحديات في جذب الاستثمارات الأجنبية، وخلق فرص عمل كافية للشباب، وتحسين بيئة الأعمال، ما يبطئ وتيرة التحول الاقتصادي المنشود.
المؤسسات الدولية: تفاؤل مشروط وتحذيرات مستمرة
تشير تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى توقعات بنمو الاقتصاد العُماني بنسبة 3% تقريباً خلال 2025-2026، لكنها تربط هذا التفاؤل بضرورة تسريع الإصلاحات المالية والهيكلية، وتحسين كفاءة الإنفاق، وتعزيز الحوكمة المالية. أي تباطؤ في هذه الإصلاحات قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط على المالية العامة.








