في تطور استراتيجي مهم، شرعت تركيا في سحب المرتزقة السوريين من قاعدة الوطية الجوية في غرب ليبيا، في تطور استراتيجي مهم، شرعت تركيا في سحب المرتزقة السوريين من قاعدة الوطية الجوية في غرب ليبيا، وسط تقارير تشير إلى عودة هؤلاء المقاتلين للانضمام إلى الجيش السوري الجديد بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
هذا القرار الذي يأتي في أعقاب الاشتباكات العنيفة الأخيرة في العاصمة الليبية طرابلس، يضع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة أمام تحديات أمنية وسياسية جديدة قد تعيد تشكيل المشهد الليبي.
خلفية الوجود السوري في ليبيا
بدأ الوجود السوري في ليبيا منذ عام 2019، عندما أرسلت تركيا آلاف المقاتلين السوريين لدعم حكومة الوفاق الوطني في مواجهة قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
وفقاً للوثائق التي كشفت عنها تقارير سابقة، وصل عدد المرتزقة السوريين في ليبيا إلى حوالي 11 ألف مقاتل، ينتمون إلى فصائل مختلفة ضمن ما يُسمى بـ”الجيش الوطني السوري” الموالي لأنقرة.
تضمنت هذه القوات عناصر من “لواء السلطان مراد” و”فرقة الحمزة” و”فيلق المجد” وفصائل أخرى، والتي كانت مكلفة بحماية الحكومة الليبية الشرعية ومنطقة طرابلس من التهديدات العسكرية.
كانت قاعدة الوطية الجوية في غرب ليبيا تمثل أحد أهم المعاقل العسكرية لهذه القوات، حيث شكلت نقطة استراتيجية مهمة في الصراع الليبي.
التطورات الأخيرة في طرابلس
شهدت العاصمة الليبية طرابلس مؤخراً اشتباكات عنيفة أعقبت مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي، عبد الغني الككلي المعروف بـ”غنيوة”. هذه الأحداث التي وقعت في مايو 2025، أدت إلى حالة من الفوضى في العاصمة، حيث سُمعت أصوات القذائف والأسلحة الثقيلة في منطقتي عين زارة وصلاح الدين.
نفذت حكومة الدبيبة عملية عسكرية للسيطرة على منطقة أبو سليم، إحدى أبرز معاقل الجماعات المسلحة في المدينة، في محاولة لاستعادة السيطرة الأمنية.
وقد صرح الدبيبة عقب انتهاء العملية بأن ما تحقق “يشكل خطوة حاسمة نحو إنهاء المجموعات غير النظامية وترسيخ مبدأ ألا مكان إلا لمؤسسات الدولة ولا سلطة إلا للقانون”.
تأثير سقوط نظام الأسد
مع سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، شهد المشهد السوري تحولات جذرية أثرت على وضع المرتزقة السوريين في ليبيا، بدأت الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع عملية دمج الفصائل المسلحة في جيش سوري موحد تحت مظلة وزارة الدفاع.
هذا التطور دفع تركيا إلى إعادة النظر في استراتيجيتها بشأن المرتزقة السوريين في ليبيا، خاصة مع الحاجة إلى هؤلاء المقاتلين للمشاركة في بناء الجيش السوري الجديد.
وقد أعلنت عدة فصائل سورية، بما في ذلك “هيئة تحرير الشام” والفصائل المنضوية تحت “الجيش الوطني السوري”، استعدادها لحل نفسها والانخراط في الجيش السوري الجديد.
التحديات أمام حكومة الدبيبة
يضع سحب المرتزقة السوريين حكومة الدبيبة أمام تحديات أمنية كبيرة، خاصة في ظل الاعتماد على هذه القوات في توفير الحماية الأمنية للعاصمة طرابلس.
وقد أكد علي السويحلي، عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أن وجود القوات التركية على الأراضي الليبية يهدف إلى “صد العدوان على طرابلس وحمايتها، فضلاً عن مواجهة قوات فاغنر المنتشرة في البلاد”.
مع انسحاب هذه القوات، تزداد الحاجة إلى إيجاد بدائل أمنية لضمان استقرار العاصمة، خاصة في ظل وجود تشكيلات مسلحة أخرى تتحدى سلطة الدولة.
كما يثير هذا التطور تساؤلات حول قدرة الحكومة على ملء الفراغ الأمني الذي قد ينتج عن هذا الانسحاب.
الأبعاد الجيوسياسية للانسحاب
يأتي سحب المرتزقة السوريين في سياق تغيرات جيوسياسية أوسع في المنطقة، حيث تسعى تركيا إلى إعادة تقييم استراتيجيتها في ليبيا مع تغير الأولويات في سوريا.
كما أن هذا القرار قد يكون مرتبطاً بالضغوط الدولية المتزايدة لسحب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، والتي كانت محور عدة قرارات دولية.
من جانب آخر، تواجه روسيا تحديات مماثلة في إعادة تموضع قواتها بعد فقدان القواعد العسكرية في سوريا، مما قد يؤثر على التوازن العسكري في ليبيا، وقد كشفت تقارير حديثة عن انتقال قوات سورية إلى شرق ليبيا للعمل مع الفيلق الروسي الأفريقي، مما يعقد المشهد العسكري أكثر.
الآثار على العملية السياسية الليبية
قد يؤثر انسحاب المرتزقة السوريين على مسار العملية السياسية في ليبيا، خاصة فيما يتعلق بملف الانتخابات التي طال تأجيلها. فقد أكد مراقبون أن وجود القوات الأجنبية والمرتزقة يمثل أحد العوائق أمام إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
كما أن هذا التطور قد يفتح المجال أمام حوار جديد بين الأطراف الليبية حول توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، وهو ما كان هدفاً رئيسياً للعديد من المبادرات الدولية، إلا أن نجاح هذا المسار يتطلب توافقاً سياسياً بين الفرقاء الليبيين، وهو ما يبدو صعب المنال في الوقت الحالي.
تركيا تسحب المرتزقة السوريين من طرابلس الليبية: بين الوعود والتنفيذ الفعلي
تشهد ملف المرتزقة السوريين في ليبيا تطورات متسارعة، حيث تتجدد بشكل دوري الأنباء حول عمليات سحب تركيا لهؤلاء المقاتلين من الأراضي الليبية وسط ضغوط دولية متزايدة. وفي حين تشير بعض التقارير إلى عمليات سحب فعلية، تؤكد مصادر أخرى أن هذه العمليات كانت مجرد “استبدال” للدفعات أو مناورات إعلامية، مما يثير تساؤلات حول حقيقة التزام أنقرة بسحب مرتزقتها من ليبيا. تأتي هذه التطورات في ظل دعوات أممية وإقليمية متكررة لإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد تمهيداً لاستقرار الوضع السياسي والأمني في ليبيا.
خلفية الوجود التركي والمرتزقة السوريين في ليبيا
بدأ التدخل التركي المباشر في ليبيا مع توقيع مذكرة التفاهم للتعاون العسكري والأمني بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة فائز السراج في 27 نوفمبر 2019 في إسطنبول.
هذا الاتفاق فتح الباب أمام تركيا لإرسال قواتها ومعداتها العسكرية ومرتزقتها السوريين إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق في مواجهة قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
أقر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للمرة الأولى في فبراير 2020 بوجود مرتزقة موالين لأنقرة في ليبيا، حيث قال للصحفيين في إسطنبول: “تركيا متواجدة هناك عبر قوّة تجري (عمليات) تدريب.هناك كذلك أشخاص من الجيش الوطني السوري”. هذا الإقرار الرسمي جاء بعد أشهر من التكهنات والتقارير الإعلامية حول الوجود التركي في ليبيا.
حجم الوجود ونطاق العمليات
أشارت التقارير الدولية إلى أن تركيا أرسلت ما بين 7000 و15000 مقاتل سوري إلى ليبيا وفقاً للجنة العقوبات الأممية.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، يبلغ تعداد المرتزقة السوريين من مختلف فصائل “الجيش الوطني” الموالي لتركيا والمتواجدين في الأراضي الليبية نحو 7000 عنصر من حملة الجنسية السورية.
هؤلاء المرتزقة ينتمون إلى فصائل مختلفة تشمل “فيلق المجد” و”لواء السلطان مراد” و”فرقة الحمزة” وفصائل أخرى ضمن ما يسمى بـ”الجيش الوطني السوري” الموالي لأنقرة. وقد كشفت التقارير أن بعض هؤلاء المرتزقة تم تدريبهم ودمجهم في الأجهزة الأمنية الليبية، حيث ظهرت تسجيلات مصورة تظهر عناصر من المرتزقة السوريين بزي الشرطة الليبية.










