أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة، توترات في الأسواق العالمية وأعاد إشعال فتيل التوترات التجارية باتهامه الصين بانتهاك اتفاقية تجارية رئيسية انتهاكا تاما.
وفي منشور استفزازي على منصته للتواصل الاجتماعي ” تروث سوشيال “، أعلن ترامب أنه لن يلعب دور “الرجل اللطيف” بعد الآن.
كتب ترامب: “قبل أسبوعين، كانت الصين تعاني من ضائقة اقتصادية حادة. فالرسوم الجمركية الضخمة التي فرضتها جعلت وصولها إلى السوق الأمريكية، السوق الأولى عالميا، شبه مستحيل. فجأة، قطعنا علاقاتنا معها، وكان ذلك مدمرا. أغلقت المصانع، واندلعت ما أسميه “اضطرابات مدنية”.
وأضاف ترامب “لم يعجبني ما رأيته، لا بالنسبة لهم ولا بالنسبة لنا. لذلك عقدت صفقة سريعة لإنقاذهم. هدأت الأمور، وعادت الصين إلى وضعها الطبيعي. كان الجميع سعداء. لكن الآن، وكما هو متوقع، انتهكوا هذه الصفقة تماما. هذا كل شيء بالنسبة للرجل اللطيف!”
جاء تصريح ترامب بعد وقت قصير من تصريح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيزانت لقناة فوكس نيوز بأن المفاوضات التجارية مع الصين “متعثرة بعض الشيء”. وبالمثل، أعرب الممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير عن قلقه في مقابلة مع قناة سي إن بي سي، مدعيا أن “الصين كانت بطيئة في الوفاء بالتزاماتها” بموجب الاتفاق المؤقت.
وقال جرير “هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويجب معالجته”.
الخلفية: الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين
تصاعدت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بشكل حاد خلال إدارة ترامب وبعدها، ووصلت إلى ذروتها مع فرض رسوم جمركية غير مسبوقة – بما في ذلك حزمة رسوم جمركية بنسبة 145% سميت برسوم “يوم التحرير”.
وجهت هذه الإجراءات ضربة موجعة لقطاع التصنيع الصيني، حيث انخفض مؤشر مديري المشتريات (PMI) إلى أدنى مستوى له في 16 شهرا. وتراجع نشاط التصدير بشكل ملحوظ، حيث تشير بعض التقديرات إلى انخفاض في الشحنات يصل إلى 60%.
في خضم الأزمة، تم التوصل إلى اتفاقية تجارية تاريخية في جنيف في مايو. وبموجبها، اتفقت الدولتان على خفض الرسوم الجمركية بنسبة 115% مع الإبقاء على رسوم إضافية بنسبة 10%.
كما التزمت الصين بوقف الرسوم الانتقامية وتعليق الإجراءات المضادة غير الجمركية ضد الولايات المتحدة.
ووصفت إدارة ترامب الاتفاقية بأنها إنجاز تاريخي يهدف إلى معالجة الممارسات التجارية غير العادلة وتقليص العجز التجاري الأمريكي الهائل مع الصين.
اتهامات متجددة وتوترات متصاعدة
رغم الاتفاق، يتهم ترامب بكين الآن بالتراجع عنه تماما. يأتي هذا الاتهام في الوقت الذي تصعد فيه الولايات المتحدة إجراءاتها العقابية، بما في ذلك إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين وحظر بيع التقنيات الحيوية للشركات الصينية.
أعرب المسؤولون الأمريكيون أيضا عن إحباطهم من عدم تخفيف الصين قيود تصدير المعادن الأرضية النادرة، وهي مواد أساسية للتقنيات المتقدمة.
وتبرز هذه التطورات هشاشة العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، وتنذر بعودة محتملة إلى إجراءات تجارية متبادلة.
لقد تأثر كلا الجانبين بالتداعيات الاقتصادية للحرب التجارية المطولة. شهدت الولايات المتحدة ركودا اقتصاديا في أوائل عام 2025، اتسم بتباطؤ النمو، وفقدان الوظائف، وارتفاع أسعار المستهلكين، وتقلبات السوق. رفع تجار التجزئة أسعارهم بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل، وارتفع التضخم بشكل حاد.
وقد أدى عدم اليقين التجاري واضطرابات الرسوم الجمركية إلى زعزعة استقرار الأسواق العالمية، مما أثار مخاوف بشأن استقرار النظام التجاري الدولي على المدى الطويل.
في غضون ذلك، ردت الصين بفرض ضوابط على الصادرات وتكثيف جهودها الدبلوماسية.
وبينما قاومت بكين ضغوط واشنطن المتعلقة بالرسوم الجمركية، تشير توقعات النمو إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الصيني قد لا يحقق الأهداف الرسمية، حتى في ظل جهود التحفيز الحكومية، مما يبرز استمرار التحديات الاقتصادية.
يشير أحدث هجوم لترامب إلى تصعيد محتمل في العلاقات التجارية المتوترة أصلا بين الولايات المتحدة والصين. وبينما يصارع البلدان حالة من عدم اليقين الاقتصادي، يراقب المجتمع الدولي الوضع عن كثب، مدركا أن تجدد الصراع بين أكبر اقتصادين في العالم قد يسفر عن عواقب وخيمة.










