في 30 مايو/أيار، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب إلى 50%، في إطار سياسة تصعيدية تهدف إلى حماية الصناعة الوطنية، وذلك بعد أسبوع من إشارته إلى الموافقة على صفقة اندماج شركة U.S. Steel مع نيبون اليابانية. إلا أن هذه السياسات الجمركية واجهت تحدياً قانونياً كبيراً، حيث أصدرت المحكمة الأميركية للتجارة الدولية حكماً بإلغاء معظم قرارات ترامب المتعلقة بالرسوم، معتبرة أنه تجاوز صلاحياته الدستورية.
القرار القضائي: خلفياته وأبعاده
قضت المحكمة بأن الرئيس الأميركي تجاوز حدود سلطاته الدستورية عبر فرض رسوم جمركية شاملة على واردات من دول تصدر إلى الولايات المتحدة أكثر مما تستورد منها، مستنداً إلى قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA). وأكدت المحكمة أن سلطة الإشراف على التجارة الخارجية تعود للكونغرس، ولا يمكن للرئيس استخدامها بشكل مطلق حتى في حالات الطوارئ الاقتصادية.
رغم أن القرار القضائي كان من المفترض أن يوقف تحصيل الرسوم خلال عشرة أيام، إلا أن محكمة الاستئناف الفيدرالية أصدرت قراراً مؤقتاً ببقاء الرسوم سارية حتى انتهاء إجراءات الطعن، ما أبقى حالة من عدم اليقين في الأسواق.
الأثر الاقتصادي الفوري والمتوقع
ارتياح الأسواق والشركات: جاء قرار المحكمة بمثابة ارتياح كبير للأسواق المالية والشركات الأميركية، خاصة الصغيرة منها، التي عانت من ارتفاع التكاليف وصعوبة المنافسة بسبب الرسوم. شهدت مؤشرات الأسهم الأميركية ارتفاعاً فورياً، خصوصاً في قطاعات التكنولوجيا والبنوك والصناعات التي تعتمد على الاستيراد.
انخفاض تكاليف الاستيراد: من المتوقع أن يؤدي إلغاء الرسوم إلى خفض أسعار السلع المستوردة، ما ينعكس إيجاباً على المستهلكين الأميركيين ويقلل من الضغوط التضخمية، كما يخفف الأعباء عن الشركات التي تعتمد على مدخلات أجنبية في عملياتها الإنتاجية.
تعزيز تنافسية الصناعة الأميركية: ستستفيد الشركات الأميركية من استقرار سلاسل الإمداد وعودة بعض الامتيازات الجمركية، ما يدعم قدرتها على المنافسة محلياً ودولياً، خاصة في ظل تراجع التوترات التجارية مع الشركاء الرئيسيين مثل الصين والاتحاد الأوروبي.
مكاسب أميركية متوقعة من إلغاء الرسوم
زيادة النمو الاقتصادي: تشير تقديرات مراكز بحثية إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب أدت إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة تصل إلى 6% على المدى البعيد، وانخفاض الأجور بنحو 5%، مع خسائر كبيرة للأسر متوسطة الدخل. إلغاء الرسوم سيوقف هذا النزيف ويدعم النمو والاستثمار.
تحفيز الاستهلاك المحلي: مع انخفاض الأسعار وتحسن القدرة الشرائية، من المتوقع أن يرتفع الاستهلاك المحلي، ما يعزز الطلب الكلي ويحفز النمو الاقتصادي.
استقرار الأسواق المالية: تراجع حالة عدم اليقين التجاري سيدعم ثقة المستثمرين ويقلل من تقلبات الأسواق، ما ينعكس إيجاباً على الاستثمارات المحلية والأجنبية.
إعادة بناء العلاقات التجارية: إلغاء الرسوم يفتح الباب أمام استئناف المفاوضات التجارية مع الشركاء الرئيسيين على أسس أكثر استقراراً وشفافية، ويعيد للولايات المتحدة مصداقيتها في النظام التجاري الدولي.
تحديات قائمة
رغم المكاسب المتوقعة، لا تزال حالة عدم اليقين قائمة في ظل استمرار المعركة القانونية، واحتمال لجوء الإدارة الأميركية إلى أدوات قانونية بديلة لإعادة فرض الرسوم عبر قوانين أخرى مثل قانون التجارة لعام 1974. كما أن بعض الرسوم القطاعية (خاصة على الصلب والألمنيوم) ما زالت سارية ولم يشملها قرار المحكمة.





