في فجر يوم الأحد، دوّت انفجارات متتالية في عمق القواعد العسكرية الروسية، إثر هجوم أوكراني غير مسبوق بطائرات مسيّرة، وصفه مراقبون بأنه الأعنف منذ اندلاع الحرب. لم تكن هذه الضربة مجرد عملية عسكرية، بل تحوّلت إلى نقطة تحول استراتيجية، كشفت عن هشاشة الدفاعات الروسية وألقت الضوء على حجم الاستنزاف الاقتصادي والعسكري الذي تتكبده موسكو. فهل دخلت روسيا مرحلة الانهاك الحقيقي؟ وما هي الأرقام الحقيقية للخسائر والمكاسب بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب؟
ضربة أوكرانية غير مسبوقة: خسائر فادحة للطيران الروسي
شنّت القوات الأوكرانية هجوماً مكثفاً باستخدام 117 طائرة مسيّرة استهدفت قواعد جوية روسية في مورمانسك وإيركوتسك وإيفانوفو وريازان وأمور. أسفر الهجوم عن تدمير أو إعطاب ما لا يقل عن 41 طائرة عسكرية، بينها قاذفات استراتيجية من طراز “تو-95″ و”تو-22 إم3” وطائرات إنذار مبكر “A-50”. وقدّرت كييف الخسائر المباشرة لهذا الهجوم بنحو 7 مليارات دولار، وهو ما يمثل ضربة موجعة لأسطول الطيران الاستراتيجي الروسي، حيث فقدت موسكو نحو 34% من قاذفاتها بعيدة المدى في ليلة واحدة.
تكلفة الحرب: ميزانية الدفاع الروسية تحت المجهر
منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، ارتفعت ميزانية الدفاع الروسية بشكل غير مسبوق، لتتجاوز 110 مليارات دولار سنوياً في عام 2024، أي ما يعادل 30% من إجمالي الميزانية و7% من الناتج المحلي الإجمالي. هذا الإنفاق الضخم يأتي في ظل استمرار العمليات العسكرية وتزايد الحاجة لتعويض الخسائر في العتاد والأفراد.
العقوبات الاقتصادية: شبح يطارد الاقتصاد الروسي
لم تقتصر خسائر روسيا على الميدان العسكري، بل امتدت لتشمل الاقتصاد الوطني. فقد فرضت الولايات المتحدة وأوروبا أكثر من 16,500 عقوبة على موسكو، شملت تجميد أصول بنكية واحتياطات نقدية بقيمة 350 مليار دولار (نصف احتياطي روسيا)، وانخفاض قيمة الروبل، وتراجع التصنيف الائتماني للبلاد. وتشير تقديرات اقتصادية إلى أن روسيا فقدت ما يقارب 1.3 تريليون دولار من النمو المتوقع حتى عام 2026 بسبب الحرب والعقوبات.
خسائر بشرية ومادية: أرقام ترسم صورة الاستنزاف
تكشف الأرقام عن حجم الاستنزاف البشري والمادي الذي تتكبده روسيا:
خسائر بشرية: نحو 900 ألف جندي روسي بين قتيل وجريح منذ بداية الحرب، بينهم أكثر من 35 ألفاً في فبراير 2025 وحده (بحسب الناتو).
خسائر في المعدات: تدمير أكثر من 10,000 دبابة و22,000 مركبة قتالية و370 طائرة حربية و33,000 طائرة مسيّرة روسية.
خسائر تصدير الأسلحة: خسرت روسيا أكثر من 10 مليارات دولار نتيجة إلغاء أو تأجيل صفقات تصدير أسلحة.
مكاسب روسيا: بين السيطرة الجغرافية وتحديات الاقتصاد
رغم الخسائر الضخمة، تمكنت روسيا من تحقيق بعض المكاسب:
سيطرة جغرافية: سيطرت موسكو على نحو 15% من الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك مدن استراتيجية مثل باخموت.
تعزيز النفوذ: وسعت روسيا من نفوذها في بحر آزوف والشرق الأوكراني، وعززت علاقاتها التجارية مع الصين.
توحيد الجبهة الداخلية: ساهمت الحرب في تصاعد المشاعر القومية وتوحيد الرأي العام الروسي خلف القيادة السياسية.
قراءة في مستقبل الحرب: هل تستطيع موسكو الاستمرار؟
تكشف المعطيات أن روسيا تواجه ضغوطاً غير مسبوقة على الصعيدين العسكري والاقتصادي، في ظل استمرار الهجمات الأوكرانية وتوسع العقوبات الغربية. ومع تصاعد الخسائر، يبرز سؤال جوهري: إلى متى تستطيع موسكو تحمّل كلفة هذه الحرب؟ وهل ستنجح في تحويل مكاسبها الجيوسياسية إلى انتصار استراتيجي، أم أن الاستنزاف سيجبرها على مراجعة حساباتها؟
خلاصة رقمية سريعة:
خسائر روسيا من هجوم الأحد: 7 مليارات دولار وتدمير 41 طائرة استراتيجية.
تكلفة الحرب الكلية: أكثر من 110 مليارات دولار سنوياً وخسائر اقتصادية متراكمة تتجاوز 1.3 تريليون دولار حتى 2026.
خسائر بشرية: نحو 900 ألف جندي بين قتيل وجريح منذ 2022.
مكاسب روسيا: السيطرة على 15% من الأراضي الأوكرانية وتوسيع النفوذ الجيوسياسي.






