سجل الاقتصاد المصري تراجعاً قوياً في عجز الميزان التجاري خلال شهر مارس 2025، حيث انخفض العجز بنسبة 38.6% ليصل إلى 2.5 مليار دولار، مقارنة بـ4.09 مليار دولار في نفس الشهر من العام السابق. هذا التراجع الكبير يعتبر أحد أبرز المؤشرات الإيجابية التي تروج لها الحكومة المصرية، لكنه يخفي تحته تحديات هيكلية لا تزال تؤثر على حياة المواطن اليومية.
الأداء التجاري: بين الارتفاع في الصادرات والتراجع في الواردات
الصادرات: ارتفعت قيمة الصادرات المصرية بنسبة 20.7% خلال مارس 2025 لتصل إلى 4.62 مليار دولار، مقارنة بـ3.82 مليار دولار في نفس الشهر من العام السابق. ويعود هذا النمو إلى زيادة صادرات الملابس الجاهزة بنسبة 27.7%، والعجائن والمحضرات الغذائية بنسبة 19.5%، والبقول الجافة بنسبة 35.2%، بينما تراجعت صادرات الفواكه الطازجة بنسبة 17.3% والأسمدة بنسبة 9.9%.
الواردات: انخفضت الواردات بنسبة 10% لتصل إلى 7.12 مليار دولار، مقارنة بـ7.91 مليار دولار في مارس 2024. ويُعزى هذا الانخفاض إلى تراجع واردات منتجات البترول بنسبة 2.9%، والحديد والصلب بنسبة 41.8%، والقمح بنسبة 44.8%، والأدوية بنسبة 22.7%. في المقابل، ارتفعت واردات الغاز الطبيعي بنسبة 176.1%، والبترول الخام بنسبة 366.8%، والخشب بنسبة 27.8%.
الأداء الاقتصادي المصري
رغم هذا التحسن في الميزان التجاري، لا يزال الاقتصاد المصري يعاني من ضغوط كبيرة، خاصة مع استمرار التضخم وتراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار. يشير تاريخ الميزان التجاري المصري إلى أن البلاد سجلت عجزاً تجارياً مستمراً منذ عام 2004، بمتوسط سنوي يقارب 1.03 مليار دولار منذ عام 1957 وحتى عام 2024، وكان أعلى عجز شهري يسجل في أغسطس 2014 بقيمة 5.06 مليار دولار.
المؤشرات الرقمية الجديدة تظهر تحسناً، لكنها لا تعكس بالضرورة تحسناً في حياة المواطن العادي. فمعدلات التضخم المرتفعة، وتراجع قيمة الجنيه، وضعف النقد الأجنبي بسبب تراجع إيرادات قناة السويس والسياحة، كلها عوامل تزيد من معاناة المواطنين وتحد من قدرتهم الشرائية.
أداء الحكومة: بين الإنجاز الرقمي والواقع الاقتصادي
الحكومة المصرية تروج للتحسن في الميزان التجاري كدليل على نجاح سياساتها، لكن هذا التحسن لم يترجم بعد إلى تحسن ملموس في حياة المواطنين. فتراجع الواردات بنسبة 44.8% في القمح، و22.7% في الأدوية، قد يكون نتيجة لفرض قيود على الاستيراد أو تراجع الطلب بسبب ارتفاع الأسعار، وهو ما قد يؤثر سلباً على جودة الحياة وفرص الحصول على السلع الأساسية.
كما أن الارتفاع الكبير في واردات الغاز الطبيعي والبترول الخام، رغم تراجع واردات منتجات البترول الأخرى، يشير إلى تغير في هيكل الواردات وليس بالضرورة إلى تحسن في قدرة الاقتصاد على تلبية احتياجاته.
الخلاصة والتوقعات
التحسن في الميزان التجاري المصري خلال مارس 2025 يعتبر خطوة إيجابية، لكنه لا يشكل حلاً جذرياً للأزمات الاقتصادية التي يعاني منها المواطن. الحكومة مطالبة بتبني سياسات اقتصادية أكثر شمولاً، تعالج جذور المشكلة بدلاً من الاكتفاء بالتركيز على المؤشرات الرقمية. التوقعات تشير إلى استمرار الضغوط التضخمية وضعف الجنيه المصري في حال استمرار التوترات الإقليمية وضعف مصادر النقد الأجنبي.











