تشهد شركة تسلا، الرائدة عالمياً في صناعة السيارات الكهربائية، تراجعاً ملحوظاً في تسجيلات المركبات الجديدة في السوق الفرنسية، في تطور يتناقض مع تصريحات الرئيس التنفيذي للشركة، إيلون ماسك، الذي أكد الشهر الماضي أن الشركة قد تعافت من تباطؤ المبيعات الذي شهدته في بداية العام الجاري.
وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن جمعية السيارات الفرنسية “بلاتفورم أوتوموبيل” أن تسلا باعت فقط 721 سيارة في فرنسا خلال شهر مايو الماضي، وهو ما يمثل انخفاضاً حاداً بنسبة 67% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. ويأتي هذا الانخفاض في وقت تشهد فيه أسواق السيارات الكهربائية منافسة متزايدة من شركات أوروبية وصينية، بالإضافة إلى تحديات تتعلق بالتضخم وارتفاع أسعار الفائدة، ما أثر على قرارات الشراء لدى المستهلكين.
التراجع الأكبر
ويعد هذا التراجع الأكبر من نوعه لتسلا في السوق الفرنسية منذ سنوات، ويثير تساؤلات حول قدرة الشركة على الحفاظ على زخم مبيعاتها في أوروبا، خاصة بعد أن كانت قد سجلت أداءً قوياً في السنوات الماضية. ويأتي ذلك وسط جهود مكثفة من الشركة لتعزيز حصتها السوقية من خلال تخفيضات الأسعار وإطلاق طرازات جديدة، إلا أن هذه الإجراءات لم تنجح حتى الآن في وقف النزيف الحاد في المبيعات.

وكان إيلون ماسك قد صرح في مايو الماضي بأن تسلا تجاوزت مرحلة التباطؤ المؤقت في المبيعات، مشيراً إلى أن الشركة تتجه نحو تحقيق نمو جديد في الأسواق العالمية. إلا أن الأرقام الأخيرة في فرنسا تشير إلى أن التحديات لا تزال قائمة، وربما تكون أكثر تعقيداً مما توقعته الإدارة.
ويرى محللون أن تراجع مبيعات تسلا في فرنسا قد يكون مؤشراً على تغيرات أوسع في سوق السيارات الكهربائية الأوروبية، حيث بدأت شركات محلية وعالمية أخرى في تقديم نماذج منافسة بأسعار أقل وخيارات تكنولوجية متقدمة. كما أن السياسات الحكومية المتعلقة بالدعم المالي لمشتري السيارات الكهربائية تشهد مراجعات مستمرة، ما يؤثر على حجم الطلب.
في ظل هذه المعطيات، تواجه تسلا اختباراً حقيقياً لقدرتها على التكيف مع المتغيرات السريعة في سوق السيارات الأوروبية، والحفاظ على مكانتها كشركة رائدة في مجال السيارات الكهربائية. ويراقب المستثمرون والمحللون أداء الشركة خلال الأشهر المقبلة، لمعرفة ما إذا كانت ستتمكن من استعادة وتيرة نموها أم ستواصل التراجع في الأسواق الرئيسية مثل فرنسا.

خسائر ماسك في 2025
منذ بداية عام 2025، تكبّد إيلون ماسك خسائر مالية ضخمة تُعد من الأكبر في مسيرته، حيث فقد ما يقارب ربع ثروته خلال بضعة أشهر فقط، مع تقديرات تشير إلى تراجع ثروته بنحو 110 إلى 130 مليار دولار حتى مطلع الربع الثاني من العام. وتعود هذه الخسائر بشكل رئيسي إلى الانخفاض الحاد في أسهم شركة تسلا، التي فقدت أكثر من 45% من قيمتها منذ بداية العام، ما أدى إلى محو مئات المليارات من القيمة السوقية للشركة. كما ساهمت عدة عوامل في تعميق خسائر ماسك، منها تباطؤ مبيعات تسلا في الأسواق الرئيسية كالصين وأوروبا، واشتداد المنافسة في قطاع السيارات الكهربائية، إضافة إلى تداعيات سياساته وتدخلاته السياسية المثيرة للجدل، والتي أثرت سلباً على ثقة المستثمرين.
ولم تقتصر الخسائر على تسلا فقط، بل امتدت لتشمل شركات أخرى يملكها ماسك مثل منصة “إكس” (تويتر سابقاً) و”سبيس إكس”، وسط ضغوط متزايدة من الأسواق العالمية وتراجع الإيرادات. ورغم هذه الانتكاسات، لا يزال ماسك يحتفظ بمكانته كأحد أغنى رجال العالم، إلا أن عام 2025 يمثل اختباراً قاسياً لقدراته الإدارية ومرونة إمبراطوريته الاقتصادية في مواجهة الأزمات المتلاحقة.











