اتفقت الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة على بدء مفاوضات رسمية للتوصل إلى اتفاقية تجارية ثنائية تهدف إلى تقليص الرسوم الجمركية على صادرات الصلب والألمنيوم الإماراتية، في خطوة تعكس عمق الشراكة الاقتصادية بين البلدين وتطلعهما لتعزيز التعاون في قطاعات صناعية استراتيجية. جاءت هذه التطورات عقب زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أبوظبي الشهر الماضي، حيث ناقش كبار المسؤولين من الجانبين فرص تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية، وسبل دعم مسار التنويع الاقتصادي للإمارات وتعزيز مزاياها التنافسية.
خلفية العلاقات التجارية بين البلدين
تعد الإمارات أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية في عام 2024 نحو 34.4 مليار دولار، منها صادرات أمريكية بقيمة 27 مليار دولار وواردات إماراتية بقيمة 7.5 مليار دولار. كما تحتل الإمارات المرتبة الثالثة عالمياً بين الدول التي تحقق الولايات المتحدة معها فائضاً تجارياً، بقيمة 19.5 مليار دولار في 2024. وتغطي العلاقات التجارية والاستثمارية قطاعات واسعة تشمل الطاقة، الذكاء الاصطناعي، الطيران، التصنيع، التكنولوجيا المتقدمة، والخدمات المالية.
على صعيد الاستثمارات، أعلنت الإمارات عن خطة ضخ استثمارات بقيمة 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي خلال السنوات العشر المقبلة، في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة والذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات. كما تم الاتفاق على استثمارات مشتركة بقيمة 440 مليار دولار في قطاع الطاقة حتى عام 2035، تشمل مشاريع النفط والغاز والطاقة النظيفة.
دلالات زيارة ترامب الأخيرة للإمارات
شكلت زيارة الرئيس ترامب للإمارات محطة استراتيجية لتعميق الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وأسفرت عن توقيع حزمة واسعة من الاتفاقيات بقيمة إجمالية تجاوزت 1.6 تريليون دولار، في أكبر صفقة اقتصادية ثنائية في تاريخ العلاقات بين البلدين. وشملت هذه الاتفاقيات:
إنشاء مركز أمريكي إماراتي للذكاء الاصطناعي في أبوظبي.
السماح للإمارات باستيراد 500 ألف شريحة متقدمة سنوياً من شركة Nvidia الأمريكية.
اتفاقيات في قطاع الطيران، منها صفقة شراء 28 طائرة بوينغ بقيمة 14.5 مليار دولار.
خطط لإنشاء مصنع متكامل للألمنيوم في ولاية أوكلاهوما الأمريكية.
تعزيز التعاون في مجالات التعليم التكنولوجي، الطاقة المتجددة، والصناعات الثقيلة.
أكدت الزيارة كذلك على أهمية الإمارات كشريك استراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة، ليس فقط اقتصادياً بل أيضاً سياسياً وأمنياً، حيث ناقش الجانبان قضايا إقليمية ودولية أبرزها جهود وقف إطلاق النار في غزة، واحتواء التصعيد في المنطقة، والمشاركة في إعادة إعمار سوريا.
أبعاد الاتفاق التجاري المرتقب
يمثل الاتفاق المزمع بشأن تقليص الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم دفعة قوية للصناعات الإماراتية، ويعزز مكانة الإمارات كمصدر رئيسي للمعادن إلى السوق الأمريكية، في ظل سعي البلدين لتوسيع التعاون في سلاسل الإمداد والصناعات التحويلية. كما يواكب الاتفاق طموحات الإمارات في التحول نحو اقتصاد المعرفة، ونقل التقنية، وتنمية الكفاءات الوطنية، بما يرسخ مكانتها كمركز إقليمي للذكاء الاصطناعي والطاقة المستدامة.
خلاصة
تؤكد زيارة ترامب الأخيرة للإمارات وما رافقها من اتفاقيات ضخمة، دخول العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية، قائمة على الاستثمار المتبادل، ونقل التكنولوجيا، وتوسيع آفاق التعاون في القطاعات المستقبلية. ويعكس الاتفاق المرتقب بشأن الرسوم الجمركية رغبة مشتركة في تعزيز التكامل الاقتصادي، ودعم مسار التنويع في الإمارات، وترسيخ دورها كمحور اقتصادي وسياسي في المنطقة.





