في تطور لافت على الساحة الاقتصادية العالمية، أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مكالمة هاتفية مطولة استمرت 90 دقيقة مع نظيره الصيني شي جينبينغ، ركزت بشكل شبه كامل على ملف التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم. وصف ترامب المكالمة بأنها “جيدة جدًا” وأسفرت عن “نتائج إيجابية لكلا البلدين”، وأعلن عن جولة جديدة من المحادثات التجارية بين الوفود الاقتصادية للجانبين.
خلفية الأزمة: حرب تجارية تلتهم النمو العالمي
تأتي هذه المكالمة في ظل تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بخرق الاتفاق التجاري الذي تم التوصل إليه في مايو الماضي، والذي أرسى هدنة مؤقتة في حرب الرسوم الجمركية. فقد بلغت الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات الصينية 145%، بينما ردت بكين برسوم انتقامية وصلت إلى 125% على السلع الأميركية، في حين بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 600 مليار دولار في 2024.
انعكاسات فورية على الأسواق المالية
شهدت الأسواق الأميركية بداية تداولات الخميس ارتفاعاً ملحوظاً مدفوعة بآمال المستثمرين في أن تؤدي المكالمة إلى كسر الجمود في المحادثات التجارية. إلا أن هذه المكاسب تلاشت سريعاً مع ترقب المتعاملين لمزيد من التفاصيل حول فحوى الاتصال، ما يعكس حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأسواق العالمية في ظل استمرار الحرب التجارية.
مخاوف وتوقعات المؤسسات الدولية
حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) من أن استمرار الحرب التجارية بين واشنطن وبكين يدفع الاقتصاد العالمي نحو أضعف معدلات نمو منذ جائحة كوفيد-19، مع خفض توقعاتها لمعظم اقتصادات مجموعة العشرين. وأكدت أن تخفيف التوترات التجارية هو السبيل الوحيد لتعزيز الاستثمارات والحفاظ على استقرار الأسعار عالمياً.
مضمون المكالمة: تفاؤل حذر وتبادل دعوات
أكد ترامب أنه اتفق مع شي جينبينغ على التوصل إلى اتفاق تجاري، وأن الفرق المعنية ستجتمع قريباً لمواصلة التفاوض. من جانبه شدد الرئيس الصيني على ضرورة تقديم تنازلات متبادلة، داعياً إلى احترام المصالح المشتركة وتعزيز التشاور الاقتصادي والتجاري، مع التحذير من أن التصعيد في ملف تايوان قد يقود إلى مواجهة مباشرة بين البلدين.
تداعيات على الاقتصاد العالمي: بين الأمل والقلق
استمرار الجمود التجاري بين واشنطن وبكين يثقل كاهل الاقتصاد العالمي، ويهدد الاستثمارات وسلاسل التوريد الدولية.
تأثرت اقتصادات آسيوية أخرى مثل فيتنام وتايوان وكوريا الجنوبية بانخفاض النشاط الصناعي وتزايد المخاوف من انتقال العدوى التجارية إليها.
رغم الاتفاق المؤقت على خفض الرسوم الجمركية إلى 30% على الواردات الأميركية و10% على الصينية، إلا أن هشاشة الاتفاق تهدد بعودة التصعيد في أي لحظة.
خلاصة: هل تنجح الدبلوماسية الهاتفية في كبح الركود؟
رغم الأجواء الإيجابية التي أعقبت المكالمة، إلا أن التوترات العميقة والخلافات الهيكلية بين واشنطن وبكين تجعل من الصعب توقع انفراجة سريعة. تبقى الأسواق العالمية رهينة نتائج المحادثات المقبلة، في وقت تتزايد فيه الضغوط على صناع القرار لتجنب ركود اقتصادي عالمي جديد.





