بينما تؤكد بعض المصادر الدولية والمستقلة أن نحو 80% من الإيرانيين يعانون من مظاهر الفقر بشكل أو بآخر، أظهر تقرير رسمي صادر عن مركز أبحاث مجلس الشورى”البرلمان الإيراني” أن معدل الفقر في إيران بلغ 30% في 2024، أي ما يعادل ما بين 25 و26 مليون مواطن يعيشون فعليًا تحت خط الفقر.
تزايد مطّرد في نسب الفقر الرسمية
وفقًا لما نشرته صحيفة “آرمان إمروز”، فقد ارتفع معدل الفقر إلى 30.1% في عام 2023 مقارنة بالعام الذي سبقه، وهو ما اعتبره خبراء مؤشرًا خطيرًا على تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وفي تصريح لافت في أواخر عام 2024، أعلن النائب سلام ستوده أن نحو 25 مليون إيراني يعيشون رسميًا تحت خط الفقر، ما يعكس مدى عمق الأزمة، حتى في التقديرات الحكومية المتحفظة عادة.
تفاوت جغرافي صارخ
الأرقام تظهر فوارق كبيرة في توزيع الفقر بين المحافظات. ففي حين تصل نسبة الفقر إلى ثلثي سكان محافظة سيستان وبلوشستان، فإنها لا تتجاوز 13% في العاصمة طهران. ومع ذلك، فإن مستوى المعيشة في طهران يجعل حتى هذه النسبة مقلقة، إذ يُقدّر خط الفقر في العاصمة بأكثر من 20 مليون تومان شهريًا، مما يعني أن شريحة واسعة من السكان تعيش تحت هذا الحد بشكل فعلي.
العمال في قلب العاصفة الاقتصادية
لم تسلم الطبقة العاملة من هذا التدهور. فقد أشار فتح الله بيات، رئيس نقابة عمال العقود، إلى أن دخل العمال انخفض بنسبة 200% مقارنة بمعدل التضخم خلال السنوات الأربع الماضية، ما أدى إلى تراجع شديد في القدرة الشرائية، ودفع الآلاف من الأسر العاملة نحو ما دون خط الفقر.
البطالة تزيد الطين بلة
في سياق موازٍ، ساهمت أزمة البطالة المستمرة في تعقيد المشهد الاقتصادي. إذ أعلن المركز الإحصائي الإيراني عن وجود أكثر من مليوني عاطل عن العمل، بينهم 800 ألف من خريجي الجامعات، ما يشير إلى فشل السياسات الاقتصادية والتعليمية في ربط مخرجات التعليم بسوق العمل.
الفقر البنيوي والتضخم المستمر
يرى خبراء اقتصاديون أن الفقر في إيران لم يعد ظرفيًا أو مرحليًا، بل تحول إلى حالة بنيوية مرتبطة بغياب التخطيط الاقتصادي الفعال، واستمرار العقوبات الدولية، والانكماش الإنتاجي، وتضخم الأسعار الذي طال كل السلع والخدمات الأساسية.
خلاصة: فقر يتجاوز الأرقام
رغم أن الرقم الرسمي 30% يبدو مقلقًا بحد ذاته، فإن الواقع على الأرض – بحسب مراقبين ومؤسسات غير رسمية – أكثر حدة وتعقيدًا. ومع غياب أفق اقتصادي واضح، وفجوة متزايدة بين الدخول والأسعار، يبدو أن ملايين الإيرانيين سيواصلون معركتهم اليومية ضد الفقر والتهميش، وسط صمت رسمي وتضارب في الأرقام والسياسات.










