بتوجيه من المرشد الأعلى علي خامنئي، تم تعيين اللواء محمد كرامي قائدا للقوات البرية في الحرس الثوري الإيراني، خلفا للقائد السابق. ويأتي هذا التعيين في ظل تحديات أمنية وسياسية داخلية وخارجية تواجهها البلاد، خصوصا في المناطق الحدودية المضطربة.
الخلفية العسكرية لمحمد كرامي:
اللواء محمد كرامي من القيادات العسكرية البارزة في الحرس الثوري الإيراني، بدأ مسيرته العسكرية خلال الحرب العراقية الإيرانية، حيث التحق بالحرس الثوري وشارك في عدة جبهات قتال.
وعلى مدار العقود الماضية، شغل عدة مناصب مهمة في المؤسسة العسكرية الإيرانية، أبرزها:
قائد قاعدة القدس التابعة للقوات البرية في جنوب شرق إيران، وهي قاعدة استراتيجية مسؤولة عن الأمن في محافظتي سيستان وبلوشستان وكرمان، وتشرف على جزء كبير من الحدود الشرقية لإيران.
قائد جامعة أمير المؤمنين للعلوم والتكنولوجيا العسكرية، وهي مؤسسة تعليمية تقع في مدينة أصفهان وتعنى بتأهيل وتدريب ضباط الحرس الثوري في مختلف المجالات العسكرية والتقنية.
الدور في الأحداث الداخلية:
برز اسم محمد كرامي على الساحة السياسية والأمنية بشكل أوسع بعد أحداث “الجمعة الدامية” في زاهدان، والتي قتل فيها عشرات المتظاهرين خلال قمع الاحتجاجات الشعبية.
وقد كرر كرامي حينها الرواية الرسمية للنظام بأن الحادث “هجوم إرهابي”، وأعلن عن اعتقال المتورطين، متوعدا بنشر “اعترافاتهم قريبا”.
غير أن التحقيقات وشهادات الناشطين كشفت تورط قوات الأمن في إطلاق النار على المدنيين، مما أضعف مصداقية التصريحات الرسمية.
العقوبات الدولية:
بسبب تورطه في عمليات قمع المتظاهرين وانتهاكات حقوق الإنسان، أدرج محمد كرامي على قوائم العقوبات الدولية من قبل عدة جهات، منها:
الولايات المتحدة الأمريكية: فرضت عليه عقوبات في عام 2019 بسبب مسؤوليته عن قمع احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام.
كندا: فرضت عليه عقوبات في عام 2022 بسبب “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.
الاتحاد الأوروبي: في 24 يناير 2023، أضيف إلى قائمة العقوبات لدوره في قمع الاحتجاجات التي أعقبت مقتل الشابة مهسا أميني.
تعيينه كحاكم عسكري:
في ديسمبر 2022، تم تعيين محمد كرامي حاكما لمحافظة سيستان وبلوشستان، وهي واحدة من أكثر المحافظات اضطرابا في إيران، بناء على توصية وزير الداخلية أحمد وحيدي، وبموافقة مجلس الوزراء. وجاء تعيينه بعد تقديم المحافظ السابق، حسين مدرس خياباني، استقالته عدة مرات، بسبب تصاعد الاحتجاجات التي تشهدها المحافظة منذ حادثة الجمعة الدامية.
دلالات التعيين الجديد:
ينظر إلى تعيين محمد كرامي قائدا للقوات البرية للحرس الثوري كمؤشر على توجه القيادة الإيرانية نحو تشديد القبضة الأمنية، خصوصا في ظل استمرار الاحتجاجات الشعبية في بعض المناطق، وازدياد الضغوط الدولية على النظام بسبب ملف حقوق الإنسان. كما يعد التعيين بمثابة مكافأة لرجل أظهر ولاء مطلقا للنظام، وشارك بفعالية في قمع الحركات الاحتجاجية.
يمثل صعود محمد كرامي إلى قيادة القوات البرية للحرس الثوري تحولا بارزا في التوجهات العسكرية والأمنية للجمهورية الإسلامية، مع التركيز على تعيين قادة ذوي خبرة في “إدارة الأزمات” و”مكافحة التمرد الداخلي”، وسط تصاعد التحديات السياسية والاقتصادية في البلاد.










