لا تزال أصداء الانفجار الذي وقع قبل أيام قرب فيلا رفعت الأسد في حي المزة الراقي بالعاصمة السورية تتفاعل، وسط تضارب الروايات الرسمية والتسريبات الإعلامية بشأن الهدف الحقيقي للهجوم.
وفيما أعلنت السلطات التابعة للرئيس السوري أحمد الشرع أن الانفجار ناجم عن تدريب عسكري روتيني، نقلت تقارير إعلامية إسرائيلية رواية مغايرة تماما، مفادها أن رئيس جهاز الاستخبارات العامة السورية حسين السلامة كان الهدف المباشر لغارة جوية استهدفت الموقع.
حالة من التعتيم وإجراءات أمنية مشددة
مصادر ميدانية ومطلعة أكدت أن العميد حسين السلامة نقل بشكل سري إلى مستشفى الشامي، وأدخل إلى طابق خاص ومعزول يخضع لحراسة مشددة، وسط صمت رسمي تام بشأن حالته الصحية أو طبيعة إصابته. حتى الآن، لم تصدر أي جهة حكومية بيانا يؤكد أو ينفي تعرضه لمحاولة اغتيال.
ويثير التكتم المحيط بالحادثة تساؤلات جدية حول دوافع الهجوم، وتوقيت استهداف شخصية أمنية رفيعة تلعب دورا مركزيا في إعادة تشكيل الجهاز الأمني السوري في مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق أواخر 2024.
من هو حسين السلامة؟
ولد حسين السلامة عام 1984 في مدينة الشحيل بريف دير الزور، وينتمي إلى قبيلة العكيدات، وهي من أكبر القبائل في سوريا. بدأ مسيرته في الدعوة الإسلامية، قبل أن يلتحق بالحراك الثوري منذ انطلاقته عام 2011، ليلعب دورا محوريا في قيادة العمل المسلح والتنظيمي في المنطقة الشرقية.
أسس “مجلس شورى مجاهدي الشرقية”، وكان فاعلا ضمن “هيئة تحرير الشام” و”غرفة عمليات الفتح المبين”، حيث تولى عدة مسؤوليات عسكرية. وبعد سقوط النظام السوري في ديسمبر 2024، عين محافظا لدير الزور، ثم تولى رئاسة لجنة مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لمتابعة تنفيذ الاتفاق السياسي بين الطرفين.
في 4 مايو/أيار 2025، تم تعيينه رئيسا لجهاز الاستخبارات العامة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تعكس تحولا جذريا في البنية الأمنية الجديدة للدولة السورية.
توقيت حرج وتكهنات متعددة
يأتي هذا الاستهداف المفترض بعد أقل من شهرين على توليه منصبه، في وقت حساس يشهد إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية السورية، في ظل الترتيبات الجديدة التي أعقبت اتفاق دمشق – قسد، واستمرار التنافس الإقليمي والدولي على النفوذ في البلاد.
وتكثف مؤخرا الحديث عن اختراقات أمنية وتهديدات خارجية تستهدف قيادات الصف الأول في الدولة السورية الجديدة، خاصة تلك المرتبطة بإعادة دمج المناطق الخارجة عن السيطرة المركزية.
سيناريوهات مفتوحة
في ظل غياب بيان رسمي يوضح ملابسات الانفجار أو يؤكد طبيعة إصابة السلامة، تبقى كل السيناريوهات مطروحة:
هجوم خارجي يستهدف إعادة تموضع النظام الأمني السوري
صراعات داخلية بين أجنحة السلطة الجديدة
أو ربما رسالة تحذيرية موجهة إلى قيادة دمشق من قوى إقليمية أو دولية










