كشفت منظمة “حقوق الإنسان أولا”، وهي منظمة محلية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في إثيوبيا، عن حملة اعتقالات تعسفية واسعة تنفذها السلطات في العاصمة أديس أبابا، تستهدف شبابا من قومية تيغراي على أساس هويتهم العرقية، دون توجيه اتهامات رسمية أو عرضهم على القضاء.
وقال تسفاليم بيريهي، مدير المنظمة، في تصريح لصحيفة أديس ستاندرد، إن منظمته بدأت بتلقي اتصالات مباشرة من الضحايا وعائلاتهم، أكدت ما وصفه بـ”نمط مثير للقلق العميق” من الاعتقالات التي تجري في مناطق متعددة من العاصمة، أبرزها هانا مريم، كاليتي، نيفاس سيلك لافتو، ميركاتو، وتكليهايمانوت.
اعتقالات بلا تهم
ونقلت الصحيفة شهادة أحد المعتقلين من تيغراي، قال إنه اعتقل في 21 يونيو/حزيران أثناء تنقله من حي بياسا. وأضاف أن الشرطة أوقفته بعد أن اشتبهت في انتمائه العرقي بناء على اسم والده، على الرغم من حمله هوية من أديس أبابا وإقامته فيها لأكثر من عشر سنوات.
وبحسب روايته، نقل مع آخرين إلى مركز شرطة حيث اكتشف وجود عشرات المحتجزين من التيغراي، العديد منهم من سائقي السيارات الذين أخرجوا من مركباتهم أثناء العمل. كما وصف ظروف الاحتجاز بأنها “قاسية، وغير إنسانية”، مع احتجاز نحو 90 شخصا في غرفة لا تتجاوز مساحتها 10 أمتار مربعة.
وأكد المعتقل أن الاحتجاز جرى دون توجيه تهم، أو تمكينهم من المثول أمام المحكمة، مضيفا أن قرار الإفراج تم بطريقة عشوائية من قبل مسؤول يظهر فقط يومي الجمعة والاثنين.
نمط ممنهج وتمييز عنصري
تقرير المنظمة الصادر في 30 يونيو 2025، وثق أيضا حالات مشابهة، منها سائق حافلة صغيرة اعتقل للاشتباه في كونه إريتريا، رغم تقديمه أوراقا تثبت جنسيته الإثيوبية. وأفرج عنه بعد خمسة أيام إثر تدخل من صاحب العمل.
وأكد التقرير أن “العديد من المعتقلين هم من بين أكثر من 56 ألف شاب فروا من إقليم تيغراي هذا العام هربا من الصراع وانعدام الفرص”، لكنهم اليوم يواجهون “خطرا جديدا يتمثل في الاعتقال التعسفي داخل العاصمة”.
ووصفت المنظمة هذه الاعتقالات بأنها “انتهاك واضح للقانون المحلي والمعايير الدولية”، داعية الحكومة الإثيوبية إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين دون تهم، ووقف التنميط العرقي بحق التيغراي.
تحذيرات وتاريخ مقلق
وتعيد هذه الأحداث إلى الأذهان حملة اعتقالات سابقة استهدفت سكان تيغراي في العاصمة عام 2021 خلال ذروة النزاع في الإقليم. حينها، وثقت وسائل إعلام ومنظمات حقوقية عمليات توقيف جماعية على الهوية، وسوء معاملة للمعتقلين، بمن فيهم عائدون من السعودية.
وفي هذا السياق، أكدت لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية أنها “تراقب الوضع عن كثب”، محذرة من أن “التمييز العرقي من قبل أجهزة الدولة قد يعمق الانقسامات ويقوض السلم الاجتماعي في البلاد”.
مطالب عاجلة
وقال تسفاليم بيريهي:”الشباب الذين يفرون من الحرب في تيغراي يجدون أنفسهم معتقلين بلا سبب في أديس أبابا. لقد فقدوا الملجأ الوحيد المتبقي لهم. وعلى الحكومة أن تتحرك الآن لحماية حقوق هؤلاء المواطنين، لا لانتهاكها”.
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر لجنة شرطة أديس أبابا أي بيان رسمي يرد على هذه الادعاءات، رغم محاولات التواصل المتكررة من قبل الصحفيين والجهات الحقوقية.










