شفت الفيديو المنسوب لما تُسمى “حركة حسم” لمجموعات مسلحة بتستعرض أسلحتها وبتعمل عرض عسكري بسيارات دفع رباعي في مناطق جبلية مش واضح هي فين بالضبط. “حسم” – للي ما يعرفش – هي مجموعة متطرفة أعلنت عن نفسها بعد الانقلاب في مصر، وزاد نشاطها وقت ما سُمي وقتها “العقاب الثوري”. وبينسب لها عمليات زي تخريب أعمدة الكهرباء وأعمال عنف، منها اغتيال النائب العام هشام بركات.
واختفى نشاط الحركة بعد ضربة أمنية قوية، واستنكار الجسم التنظيمي الأكبر لجماعة الإخوان المسلمين وقتها لأعمال العنف. وكان في تنسيق أمني مع أطراف من الإخوان في مصر ساعد في تجفيف منابع هذا التيار المتطرف، وده حصل ما بين 2015 و2016.
بيرجع دلوقتي ظهور الفيديو الاستعراضي اللي مصحوب بأصوات إنشاد بتقول “قادمون”، وبينتهي بالآية القرآنية: “فانتظروا إني معكم من المنتظرين”، في إشارة لتهديد بتنفيذ عمليات عسكرية ضد النظام المصري.
الفيديو مصوَّر في بيئات متعددة صحراوية وجبلية، ومش واضح هي فين. أنا شخصيًا أستبعد إن الفيديو ده يكون مصوَّر في سيناء لو كان جديد، خصوصًا بعد 7 أكتوبر، اللي بعدها زادت الرقابة والمتابعة والتجسس في المناطق الحدودية علشان ما يكونش في أي دعم للمقاومة في غزة. وبالتالي، أستبعد إن التصوير تم في سيناء.
الحاجة اللي لسه مش قادر أوصل لها هي مين اللي نشر الفيديو وإزاي اتنشر. في العادة، التنظيمات الجهادية بيكون عندها جهات إعلامية معروفة بتنشر المواد دي، زي “السحاب” التابعة للقاعدة، أو “الفرقان” في العراق، وكانوا بيرفعوا المواد على منتديات معروفة تبعيتها للتنظيم، زي “شموخ الإسلام”، “الفجر الإسلامي”، و”الحسبة”، وبعد كده بقى النشر يتم على قنوات مغلقة في تليجرام، وبعدها يتم النقل لحسابات تانية مؤيدة، مع استخدام أدوات زي Tor أو تطبيقات مشفّرة لتوزيع المواد قبل النشر.
لكن لحد اللحظة، مصدر نشر الفيديو غير معروف.
أما عن تقديري للمجموعات العنيفة اللي محسوبة على الإخوان: ما أعلنتش أي مجموعة زي حسم تبعيتها المباشرة للتنظيم، وإن كان في أسماء متهمين في قضية اغتيال النائب العام مرتبطين بكوادر شبابية من التنظيم. حتى مجموعة محمد كمال – اللي اتعرفت بعد كده باسم “المكتب العام” – ما أعلنتش رسميًا تبنيها لأي عمل عسكري، لكنها كانت نشطة في ترويج ما سمته بـ”العمل النوعي”، من خلال فتاوى ودراسات دينية بتحفّز الأفراد على تنفيذ أعمال عنف تحت نفس التسمية.
القيادات دي في مصر، يا إما اتسجنت، أو اتصُفّيت خارج إطار القانون، أو خرجت من مصر. والمكتب العام دلوقتي مجرد مجموعة شكلية، بتصدر تنظيرات أكتر من ما بتنفّذ، وبياناتهم في مناسبات مختلفة بتشوف إن المواجهة مع النظام هي طريق التغيير. ومؤخرًا، مجموعة من المكتب ده أسست كيان في تركيا اسمه “مؤسسة ميدان”، وبتنتج مواد إعلامية عامة عن الوضع في مصر ورؤيتها للتغيير.
بس أستبعد يكون ليهم ظهير عسكري، أولاً علشان منابع تمويلهم من الإخوان اتقفلت، وثانيًا لأنهم تحت رقابة صارمة من السلطات التركية، اللي قيدت أي عمل إعلامي معارض لمصر، فما بالك بأي نشاط مسلح.
وشوفنا إن السلطات التركية ألقت القبض على كوادر من المعارضة المحسوبة على الإخوان لما خرجوا عن السقف المسموح، بعد تحسّن العلاقات مع النظام المصري. سبق واتحبس الصحفي حسام الغمري علشان دعا لمظاهرات، وبعدين رجع واتصالح مع النظام وبقى بيهاجم الجماعة. كمان تم توقيف الناشطة المستقلة غادة نجيب أكتر من مرة بسبب تغريدات خرجت عن المسموح.
وعلشان كده، حتى لو كان الفيديو حقيقي، وإن فيه كوادر مسلحة مناهضة للنظام، فهي على الأرجح لا تزيد عن خلايا فردية، ممكن تكون اتشجعت بعد ظهور أحمد المنصور، اللي كان ضمن هيئة تحرير الشام في سوريا، ودعا لحراك ضد النظام من هناك في يناير الماضي، قبل ما تعتقله السلطات السورية الجديدة وتقوم بتحييده. فلربما كانت هذه كوادر مصرية موجودة في الخارج تحمّست وسجّلت هذه المادة دعمًا لدعوات المنصور.
وبرضه، لو صح وجود المجموعة دي، وإن العرض العسكري ده حديث، مش قادر أحدد مكانهم، لأن المناطق اللي كانت ممكن تحتضن وجود كيانات عسكرية زي جنوب سوريا أو جنوب لبنان، ما بقتش توفر البيئة دي، ونفس الشيء في سيناء، خصوصًا مع تصاعد الحرب الإسرائيلية على غزة وتشديد الرقابة على الحدود وأعمال التجسس، اللي بتمنع أي دعم عسكري للمقاومة.
يبقى الاحتمال الأقرب إن الفيديو ده قديم، وبيتم استخدامه دلوقتي لاستفزاز النظام المصري. وما نقدرش كمان نستبعد فرضية “نظرية المؤامرة”، إن يكون في أطراف من النظام نفسه بتحاول ترجع فزاعة العنف علشان تخوف الناس من أي حراك معارض.










