شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري يرسل وفداً إلى دمشق لبحث ملف الحرس الوطني
أرسل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري وفداً رسمياً إلى العاصمة السورية دمشق يوم أمس الخميس لبحث ملف الحرس الوطني في محافظة السويداء، والذي يُثير جدلاً واسعاً حول مصادر تمويله وانتمائه الحقيقي، في ظل تناقض المعلومات بين ما يُشاع عن التمويل الخارجي أو من قوات سوريا الديمقراطية، وبين الواقع الذي يشير إلى تبعيته المباشرة لوزارة الدفاع السورية.
تفاصيل الزيارة ومشاركوها
ضم الوفد الذي سافر إلى دمشق ممثلين عن مجلس شيوخ الكرامة والقيادات الدينية والاجتماعية في السويداء. وجاءت هذه الزيارة في إطار جهود التنسيق المستمرة بين القيادة الروحية للطائفة الدرزية والحكومة السورية الجديدة، بهدف توضيح الوضع القانوني لتشكيل الحرس الوطني وآليات عمله.
الزيارات المتبادلة: شهدت الأشهر الماضية عدة زيارات متبادلة بين مسؤولي الحكومة السورية ومحافظة السويداء، حيث زار وفد من وزارة الدفاع السورية برفقة محافظ السويداء مصطفى البكور منزل الشيخ حكمت الهجري في فبراير الماضي لبحث “الواقع العسكري في المحافظة وآلية تنظيمها عسكرياً بالتعاون مع وزارة الدفاع”.
الحرس الوطني: التشكيل والجدل
يُعتبر موضوع الحرس الوطني من أكثر الملفات إثارة للجدل في السويداء، حيث تداولت وسائل التواصل الاجتماعي وثائق انتساب لفصيل يحمل هذا الاسم، مما أثار تساؤلات حول طبيعة تبعيته ومصادر تمويله.
نفي وزارة الدفاع السورية
نفت وزارة الدفاع السورية بشكل قاطع أي علاقة لها بوثيقة “طلب انتساب للحرس الوطني” المتداولة في السويداء، والتي تزعم أن الانتساب يتم بالتنسيق مع الوزارة. وأكد مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام علي الرفاعي أنه “فور تداول الوثيقة تم التواصل مع وزارة الدفاع التي نفت بشكل قاطع وجود أي صلة لها بمضمون هذا الطلب”.
ادعاءات التمويل الخارجي
تشير التقارير إلى وجود شبهات حول التمويل الخارجي للحرس الوطني، حيث يُقال أنه قد يحصل على دعم من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أو من جهات خارجية أخرى. وقد كشفت تقارير عن وجود “علاقات قوية بين قوات سوريا الديمقراطية وأطراف درزية مسلحة” منذ عام 2022.
الواقع الميداني
رغم النفي الرسمي من وزارة الدفاع، أكد الأمين العام لحزب “اللواء السوري” مالك أبو الخير أنه تم “تشكيل الحرس الوطني في السويداء، بقيادات من أبناء الطائفة الدرزية لقيادة المشهد الأمني والعسكري في السويداء”. كما أشار إلى أن هذا التشكيل جاء كـ”رد فعل طبيعي على ما حدث في جرمانا وصحنايا والسويداء مؤخراً”.
دور سلمان حكمت الهجري
تشير بعض المصادر إلى أن سلمان حكمت الهجري، نجل الشيخ حكمت الهجري، قد يكون له دور في تأسيس أو قيادة الحرس الوطني. وتصفه بعض التقارير بأنه “القائد الفعلي والمخطط لكل تحركات والده”، مما يعطيه نفوذاً كبيراً في القرارات المتعلقة بالشؤون العسكرية والأمنية في المحافظة.
السياق السياسي والأمني
العلاقة مع دمشق
شهدت العلاقة بين الشيخ حكمت الهجري والحكومة السورية الجديدة مداً وجزراً منذ سقوط نظام الأسد. ففي حين صرح الهجري في وقت سابق بأنه “لا يوجد توافق بيننا وبين حكومة دمشق”، إلا أن الاتصالات والزيارات المتبادلة تشير إلى استمرار الحوار بين الطرفين.
التحديات الأمنية
تواجه محافظة السويداء تحديات أمنية متعددة، منها:
- انتشار المجموعات المسلحة غير المنضبطة
- ضعف الواقع الاقتصادي وتأثيره على الخدمات
- غياب عمليات التعشيب وصيانة الغابات
- قلة الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر
دعوات الحماية الدولية
في ظل هذه التحديات، أطلق بعض وجوه الطائفة الدرزية دعوات للحماية الدولية عقب أحداث أشرفية صحنايا، مما دفع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للتعليق على هذه الدعوات.
إدماج الفصائل في الجيش السوري
تسعى وزارة الدفاع السورية إلى دمج جميع الفصائل المسلحة في البلاد ضمن هيكلها التنظيمي، حيث أعلن وزير الدفاع مرهف أبو قصرة عن “دمج كافة الوحدات العسكرية في إطار مؤسساتي موحد داخل وزارة الدفاع”.
المهلة الزمنية: حدد الوزير مهلة 10 أيام للمجموعات العسكرية الصغيرة للالتحاق بالوزارة، مؤكداً أن “أي تأخير سيستدعي اتخاذ الإجراءات اللازمة وفق القوانين المعمول بها”.
موقف السويداء من الدمج
أظهرت التطورات الأخيرة أن فصائل السويداء تتعامل مع عملية الدمج بحذر، حيث تحتفظ ببعض الاستقلالية في إدارة الشؤون الأمنية المحلية. وقد أكد مصدر من قيادة الشرطة في السويداء أن “جهاز الأمن العام شُكِّل خلال الأشهر الخمسة الماضية بتعداد يزيد عن 2300 عنصر معظمهم من المنتسبين الجدد”.
التأثير الإقليمي والدولي
العلاقة مع إسرائيل
شهدت الفترة الأخيرة زيارات متكررة لوفود درزية سورية إلى مقام النبي شعيب في إسرائيل، بموافقة إسرائيلية رسمية. وقد رحب الشيخ حكمت الهجري بـ”الدعم الإسرائيلي المقدم للدروز معتبراً أن إسرائيل ليست العدو”، مما أثار جدلاً واسعاً حول التوجهات السياسية للقيادة الدرزية.
الدور الإقليمي
تحتل السويداء موقعاً استراتيجياً في جنوب سوريا، مما يجعلها محط اهتمام القوى الإقليمية المختلفة. وقد شهدت المحافظة زيارات لوفود عربية ودولية، منها زيارة وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني في ديسمبر 2024.
مستقبل الحرس الوطني
التحديات القانونية
يواجه مشروع الحرس الوطني تحديات قانونية كبيرة، خاصة في ظل نفي وزارة الدفاع السورية لأي علاقة بهذا التشكيل. وتتطلب الشرعية القانونية للحرس الوطني موافقة رسمية من الحكومة السورية وإدراجه ضمن الهيكل التنظيمي للدولة.
البحث عن الاعتراف
تهدف زيارة وفد الهجري إلى دمشق إلى الحصول على اعتراف رسمي بالحرس الوطني كتشكيل عسكري شرعي تابع لوزارة الدفاع السورية، وليس كفصيل مستقل أو مدعوم خارجياً. هذا الاعتراف سيمنح التشكيل الشرعية القانونية اللازمة ويدحض الادعاءات حول التمويل الخارجي.
الآثار السياسية
قد يكون للحرس الوطني تأثير كبير على التوازنات السياسية في السويداء والجنوب السوري عموماً. فمن جهة، قد يعزز من النفوذ المحلي للطائفة الدرزية في إدارة الشؤون الأمنية، ومن جهة أخرى قد يثير مخاوف من تقسيم البلاد أو إنشاء كيانات مستقلة.










