الهوية البصرية الجديدة لسوريا: جدل حول التشابه مع شعار شركة مشروبات روحية ألمانية

أثار الكشف عن الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية في الثالث من يوليو 2025 جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد أن وجّهت بعثة المفوضية الأوروبية في سوريا سؤالاً للسوريين حول رأيهم في الشعار الجديد، مما أشعل موجة من التعليقات والمقارنات التي ركزت على التشابه المثير للجدل مع شعار شركة نبيذ ألمانية.

السؤال الذي أشعل الجدل

نشرت بعثة المفوضية الأوروبية في سوريا على صفحتها الرسمية بمنصة إكس (تويتر سابقاً) سؤالاً نصه: “لأصدقائنا السوريين، ما رأيكم بالشعار الجديد للجمهورية العربية السورية؟ شاركونا آرائكم في التعليقات“.

هذا السؤال البسيط فتح الباب أمام سيل من الردود التي طغى عليها تداول صور شعار شركة المشروبات الروحية الألمانية “Gut Avelsbach” وإظهار التشابه الكبير بينه وبين الشعار السوري الجديد، مما أثار تفاعلاً واسعاً وموجة من السخرية والانتقادات.

الشعار الجديد ومعانيه الرسمية

أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع الهوية البصرية الجديدة خلال احتفالية رسمية في قصر الشعب بدمشق، حيث وصف الشعار بأنه “عنوان لهوية سوريا وأبنائها بمرحلتها التاريخية الجديدة، هوية تستمد سماتها من هذا الطائر الجارح، تستمد منه القوة والعزم والسرعة والإتقان والابتكار في الأداء”.

وفقاً للشرح الرسمي، يتضمن الشعار الجديد العناصر التالية:

العقاب الذهبي: رمز القوة والتوازن والكرامة
النجوم الثلاث: ترمز إلى العلم السوري والشعب، وقد تم تحريرها من موقعها السابق في صدر العقاب ووضعها فوقه للدلالة على سيادة الشعب على السلطة
14 ريشة في الأجنحة: تمثل المحافظات السورية الـ14
5 ريشات في الذيل: ترمز إلى المناطق الجغرافية الخمس (الشمالية، الشرقية، الغربية، الجنوبية، والوسطى)

التشابه مع شركة Gut Avelsbach الألمانية

ركزت الانتقادات على التشابه الملفت بين الشعار السوري الجديد وشعار شركة “Gut Avelsbach” الألمانية، وهي شركة نبيذ تأسست عام 1901 كمؤسسة نموذجية للزراعة في الوديان الجانبية لنهر الموزيل في ألمانيا.

الشركة، المعروفة سابقاً باسم “Staatliche Weinbaudomäne Trier–Avelsbach”، كانت مملوكة للدولة البروسية لأكثر من 120 عاماً قبل أن تُباع للقطاع الخاص عام 2020. وقد اعتمدت الشركة منذ ثلاثينيات القرن الماضي شعاراً يضم عقاباً منمقاً على ملصقات زجاجاتها.

النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي لاحظوا أن الشعارين متطابقان تقريباً من حيث:

شكل العقاب ووضعية أجنحته
عدد الريشات في الأجنحة والذيل
التصميم العام والتفاصيل الدقيقة

ردود الفعل والجدل المثار

أدى هذا التشابه إلى موجة من السخرية والتكهنات حول مصدر التصميم، وسط اتهامات باستخدام شعار “مستعار” من منتج كحولي أوروبي، وهو ما زاد من حدة الجدل خاصة وأن السلطات الحالية في سوريا من التيارات الإسلامية المحافظة التي تحرم الكحول.

عبر النشطاء عن استيائهم من خلال تعليقات ساخرة، مع البعض يشير إلى أن “40 شخصاً عملوا على التصميم” ليخرجوا بشعار مشابه لشركة مشروبات روحية. كما انتشرت مقارنات أخرى مع شعار المنتخب الألماني لكرة القدم ورموز أخرى.

الدفاع عن الشعار والجذور التاريخية

في المقابل، دافع آخرون عن الشعار مشيرين إلى جذوره التاريخية العميقة في سوريا. وأوضح المدافعون أن شعار العقاب موجود في الحضارات السورية القديمة، خاصة في معبد بعل شامين في تدمر، وأن استخدامه يعود إلى عام 1945 عندما صممه الفنان السوري خالد العسلي.

الإعلامي السوري فيصل القاسم أشار إلى أن “العقاب تاريخياً موجود في سوريا منذ فجر بدايتها الأول. حتى أجدادنا التدمريون نحتوه على حيطان معابدهم قبل آلاف السنين، ومن تلك الحضارة السورية الراقية اقتبس مستشرق ألماني هذا الرسم ونقله لألمانيا ومنه لباقي أوروبا”.

السياق الأوروبي والألماني للعقاب

من الجدير بالذكر أن شعار العقاب له تاريخ طويل في أوروبا وألمانيا تحديداً، حيث يُستخدم النسر كرمز للسلطة منذ الإمبراطورية الرومانية. في ألمانيا، اعتُمد النسر كشعار رسمي منذ تأسيس الإمبراطورية الرومانية المقدسة في القرون الوسطى، واستمر عبر التاريخ الألماني.

كما أن رابطة منتجي النبيذ الألمان (VDP) تستخدم شعار العقاب منذ عام 1910 كعلامة تجارية لضمان الجودة. هذا الاستخدام الواسع للعقاب في الثقافة الألمانية والأوروبية يُفسر جزئياً التشابه مع الشعار السوري.

الاستجابة الرسمية والتطوير

مدير فريق تطوير الهوية البصرية لسوريا وسيم قدورة أوضح أن “العمل استمر لعدة أشهر وانتهى بهوية بصرية وطنية متكاملة تعبر عن جوهر الدولة السورية وتاريخها وثقافتها العميقة”. كما أكد أن التصميم نُفذ بجهود سورية أصيلة شارك فيها مختصون من أكثر من ثلاثين دولة.